كل الذين تركّتهم بالأمس و نصوص أخرى للشاعرة السورية مها ريا
كل الذين تركّتهم بالأمس
هذا اليوم مرّواوأنا...
أفركُ النسيانَ عن باب الصباحِ
ووجدتني أرتدي أثواب أحبابي وأعلو محمولة فوق السحاب
والريح طوع يدي والكون طيفٌ وارتدتْ ألوانه
كل الزنابق والبنفسج والشقائق والأقاحي
مالي ومال الوقت إن فتح المدى صدرَ الحنين
طوعاً تسيل
قيثارة الراعي
وأحسبها جراحي
في البال...
حين تعجّ أرصفة الحدائق بالحياة
يفرد الشوق جناحيه ويعلو
والعيون...
تسير نحو النور في كهف الطفولة والشباب
فتعلو موجة الأشواق ثانية، وما تركتْ نوارس مهجتي
حتى حظيت بمدمعي
خيطاً أضاء من ذراها
وكتبتُ بما تركت من البريق تحت وسادتي
أين الخوابي وكانت
في رحاب الأمس تمتلأ بالزيت والعسل المصفّى ومشارب الزمن الجميل , ورقص ذاكَ الوقتِ
حينَ تكونُ أحلامي الجميلة
على مرآى من الأنفاسِ ماثلة
وأجمع زهوة الأفراح
في أجوائها
فترفّ أجنحة الخيال
تحاصر الأحلام من كل النواحي.
------------------
مابكِ...؟
_أكاد أختنق بلساني، فكل يوم أبلع جزاً منه
اليوم رأيتهم يوقدون أقدامهم عند مرمى السيول
فآذار ضلّ طريق الربيع وقطار بوصلته لم يصل بعد
وبالأمس رأيتهم يمشون على رؤوس أصابع الاحتمالات فوق رمال الشطوط
ورأيتهم يغوصون في وحول التاريخ بوجوه بلا ملامح
ورأيتهم ينامون
على أطراف الحقول يحرسون محاصيل الخيبات
ورأيتُ حارساً من أعلى شجرة يشدّ خيوط فتتحرك فزاعات الطيور..
أخشى على قدميّ من التيبّس
فكلما هدمتُ جدار رفعوا بدلاً عنه عشرات
ما بكَ...؟
_ولدتُ من خاصرة الوقت بعد أن تقيأتني البحار فوجدت نفسي محدودب الظهر معوجّ القوائم
تكفّلت ملائكة الرحمة اصلاح اعوجاجي وكلما نظرن إليّ سالت دموعهن، وحتى أردَّ لهنّ الجميل غيّرتُ لساني ودفنتُ رأسي بين الكتب حاولت تقشير ذاكرتي عشرات المرات إلا أن جذور الحنين ضاربة في أعماقها فعدتُ
أخاتل الوقت، لا أعرف إلى أين يصطحبني ولا أعرف ماذا أنتظر ..
قبل أن ينقطعَ الإتصال قلت :
كِلانا يخاتل الوقت خائرا القوى، أحدنا يجمده الصقيع والآخر يذيبه الحنين.
-----------------
الزمان : طفولة الخامسة أو السادسة
المكان : بيت ترابي متسع ، سقفه من خشب ، وأرضه من طين ، ترشح المياه من مسامه،
ولما كانت الحاجة أم الاختراع
اخترعت أمي طريقة ، ترفع فيها منامتنا ،عن الأرض ، فرصصت أغصان البلاّن الجافة والبلان : هو نبات شجري، صغير، أوراقه مدببة ،ومتراصة بشكل كثيف
،ورتبتها فوق بعضها ،حتى أصبحت على شكل سرير ، دثرته ببساط ، صنعته من قصاصات الثياب الباليه، ووضعت فوقه فراشاً من الصوف، وغطاء ملوناً، رفعتنا فوقه ؛كي لا يطالنا الدلف؛ فترقد وهي مرتاحة البال،
لم نعِ حجم تعبها وقلقها ، ما يهمنا فقط حكاية ما قبل النوم.، فكنا نراقبها بدقة متناهية ؛ ونستعجلها ؛لتقصّها علينا
بلهفة الانتظار، طوقناها ، فنسيتْ تعبها ،وامتثلت لرغبتنا وبدأت تقص بصوتها الذي لم يبارح ذاكرتي
كان ياما كان..............
.............................،
وسكت الكلام ونضبت الحروف
أمي لروحك السلام.
------------------
الحرفُ يَبرقُ إن سما
والدّمعُ يحرقُ إن همى
والعمر سطرٌ في كتابٍ
مُترعٍ بالأوسمةْ
.
داريتُ جرحي
بعدما
ريشُ القصائدِ
قد نَما
راقبتهُ مِن كوّةٍ
يعلو و يهبطُ
مثلما
روحٌ تهيمُ بلهفةٍ
تَأبىٰ تُغادرُ
مَسكَنا ..!
.
وأتيتهُ في خلوةٍ
والرّوضُ يَرتشفُ
السّنا
لم أشتكِ
وجعَ الوغى ،
فوضى الحنينِ و لا الجوى
هَربَ السّنين المُثقلاتِ
بِعمرنا
.
.
من ثمّ قلتُ بجرأةٍ :
أرأيتَ ما حلّ
بِنا ؟
ثمّ انتبهتُ
و رغم آهاتي .. ابْتسمتُ
مخافةً .. أنْ
نَستطيرَ .. و حلمَنا ..!
.
.
راودتهُ
حيثُ انتهى ..
ثمّ اسْتعدنا ذكرياتٍ مِن زمانٍ ،
يُرتَجى عَودٌ إليهِ و يُشتَهى ..!
يشتاقهُ صحوُ الضّمائرِ و النّهى
مُتوسِّدينَ الآهَ
إذْ نرجو عبوراً آمنا
.
ياليتهُ يلغي الحدودَ
بسرعةٍ يسمو بنا ..
و مُحلِّقاً نحو السّما .. .
------------
كانت أمي..
إن ارتكبتُ الذْنبَ
تأتي
بهدوئها المعتاد تنكشُ الأسرارَ من بين الوسائد
تأخذني لفوهة الينبوع تغسلني في مياه الطُهر مرات عديدة
وتُحيطني
ترصُّ تمائمي مثل القلائد
فأطير...،
و حمائم لوّنتها فوق الدفاتر
نحو الغابة الخضراء نجمع الأفكار من تحت أشجار القصائد
كم أعوّل على إغماضةِ الجفنين ليأتي الحلم يأخذني...
وأسألها:
في زمن الشرور
إن كان ارتكابُ الصمتَ من صُلبِ العقائد ؟ .
-----------------------
المعاصرون للحروب
مساكنهم الخوف وهاجسهم الرغيفيمشون على أصابع الوقت كي لايوقظون الموت،
والموت ينام بعين واحدة
يبحرون إلى الحياة على مراكب الريح، والريح تسير بعكس الزحام
العجائز يحاولون رتق الشقوق بما تبقّى في صررهم من خيوط،
والخيوط لم تعد صالحة للزمان
الأمهات يُشعلن البخور مع كل فجر ليرققن قلب الإله على أطفال
تحلم بقطعة حلوى،
ولأن من يُشعل الحربَ عقيمٌ يرسل الحلوى مغلّفة بالرصاص.
-----------------------
ربّما فكّرتَ يوماً بامتلاكِ الكونِ وحدكْ
و الأماني حائماتٍ بخشوعٍ حولَ مهدكْ
ربّما دَاريتَ عُريَكْ
حين كان الخيط يُحبك
ربّما حاربتَ جوعَك حينَ كانَ الفأسُ زندكْ
ربّما غَامرتَ يوماً
و انهمارُ السّيلِ صدّكْ
ربّما حاولتَ تنأى و نداءُ الأرضِ شدّكْ
مالحكاية...؟!
يخنقُ الصّمتُ الأغاني
لا بريقٌ للأماني
في متاهاتِ السّكونِ
إنْ بقيتَ..
سوف تهلكْ.
-------------
يكتب....
أعشق اللون الأخضر على جدران الزرقة
طنين نحلة، رفّة فراشة..
لا بدّ أنهما فأل خير
أفتح درفة الشباك لأتنفّس الأمل
اليأس يكتسي وجوه العابرين
جاري الكتابة...
يعلو الضجيج ،
أغلق الزجاج،
أوصد الأبواب،
أرتب الأزهار على موائد الإنتظار،
أمسح الغبار، أدوّر الموسيقا،
من أين يتسرب اليأس!؟
يكتب...
غير متصل حالياً..
أقضم أظافر الوقت
يعلو الضجيج
تمت اعادة الإتصال
جاري الكتابة ...
يتوقف اللون الأخضر،
تسيل الدماء من أصابع الوقت،
وإشعار رسالة:
_لقد تمَّ اغتيال الذاكرة بدقة عالية.
---------------------
كلُ الدروبِ إليك ضريرة وأنا بذاكرةِ الخريف
على شجرةٍ جرداء
ورقةٌ وحيدة تقاوم عوامل الزمن
أعرف بأنها لصاقة،صنعتها لي من عشب روحك
قطرات الندى المتجمعة حولها تتساقط حبة، حبة وكلما سقطت حبة شكّلت أساور على سطح بركة ماء وصارت طوق نجاة أعبر منها أرض الحرائق.
كم من اللصاقات يلزمنا لنستمر في الحياة.
ندخن عمرنا لفافات بنكهات غريبة ليس لها رصيد في بنوك الذاكرة،
مثلا :
نكهة البارود
نكهة الدراق المحروق، نكهة الزيتون الذي اجهض ثماره من الجفاف، والياسمين الذي صار ملجأ لطيور جمدها البرد،
وبنكهة الصبار الذي تطفئ لفافته مئات المرات،
ننفس دخانه فلفلاً حاراً
يذيب الجليد.
هانحن نشكل ذاكرة جديدة بنكهة الألم،ونستمر بالحياة.
في البال موال عتيق
أنا لَ قصّ للخنصر والإبهام
كنت أضحك على الأبكم والأبهم
وأنا ماشي بأرض صحرا وانا بْهمّ
سَكبت الْ ميّ من شْفت السراب.
قصصنا أصابعنا،ولكن ليس ندماً،انما لنغرسها على طريق ضرير كلما مرّ بها الهواء صفقت لينتعش الرصيف .
-----------------
ليست هناك تعليقات: