أنا، في الأصل، سلحفاة ....هيثم الأمين/ تونس
قبل مليون عام
كنت سلحفاة بريّة عملاقة
قضيتُ مائة عام أو يزيد
أرزح تحت ثقل بيتي
و ببطء
سافرتُ في كلّ غابات زنجبار...
المدينة امرأة بدينة متوسّطة القامة
تلهثُ طول الوقت
شبابيكها جاحظة
و أبوابها لا تثرثر مع الغرباء
و الصّدفة.. احتمال ضئيل جدا
في المدينة
سيّارات سريعة
قطارات سريعة
وجبات سريعة
و لقاءات سريعة
و أنا رجل غريبْ
وصل المدينة، حديثا، على ظهر أُمنية
و بلا بيتْ
أدسّ خطواتي في حفر الرّصيف الانتهازيّ كرشوة ليوصلني إلى صدفة
صدفة ثانية، قد تجمعنا!
يومها
ربّما لن يكون لدينا متّسع من الوقت لأشرح لك كلّ شيء
و لتخبريني عنك كلّ شيء
قد يكون، يومها، طفلك جميلا جدا
و حتما لن يكون إسمه على إسمي
أمّا أنا
فستكون دار لقمان على حالها
فلا أصابع ورديّة تمسح منها و عنها غبار الذاكرة
و الفراشات
لا تستوطن الخرائبْ
أنت
لن تقولي الكثير
فطفلك، الجميل حتما، قد يكون جاسوس أبيه
و شبابيك المدينة تتابع كل شيء بشغف زائد
و أنا
لن أقول شيئا تقريبا
فأنا أحتاج الكثير من الوقت لأقطع مسافات الصّمت
فأنا
في الأصل سلحفاة بريّة عملاقة
كانت تسافر ببطء في غابات زنجبار
و مازلت أحمل على عمري قلبي الثقيل
و هذه المدينة سريعة جدا
و طفلك الجميل... هلّا ذكّرتني باسمه، رجاء؟!!!
أنا، في الأصل، سلحفاة ....هيثم الأمين/ تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
13 يونيو
Rating:
ليست هناك تعليقات: