وٍحْدَتَان.....هيثم الامين / تونس

 وٍحْدَتَان

ـــــــــــ


أنت الوحيدةَ جدّا

كآخر شجرة لوز في بساتين التّفاح،

الوحيدةَ ككتاب مقدّس في مكتبة عائلة ملحدة،

الوحيدة كدهشة رضيع يكتشف،

لأوّل مرّة،

نسخته على صفحة المرآة

و الوحيدةَ كتحفة فنيّة،

هشّة،

في خزانة متحف عالميّ، ممنوعة عن الزّوّارْ

و أنا الوحيدَ جدّا

كبقايا طعام، على طاولة كوخ في عمق الغابة،

تركها صيّاد عجوز،

خرج للصّيد،

ثمّ لم يعد...

الوحيد جدّا ككرسيّ فقد أرجله

فتركوه في الباحة الخلفيّة لحانة

و الوحيد جدّا

كحذاء ممزّق في قبو منزل رجل فقد رجليه في حادث سير...

و نحن الوحيديْن جدّا

كالنوافذ المطلّة، مباشرة، على الجدارن؛

الوحيديْنِ جدّا

كشتاء يركض، خلف لهاثه، في القطب الجنوبيّ؛

الوحيديْن جدّا

كطقطوقة لأم كلثوم تشغّلها،

من باب العادة،

عجوز ثمانينيّة صمّاء

و الوحيديْنِ جدّا معا

مازلنا نحمل كلّ شيء، معنا، إلّانا

كلّما وعدتنا الحقائب بالسّفر

و كلّما نشرتنا المحطّات، على حبال النّهايات، لنجفّ من الأصابع الأخرى؛

الأصابع الهاربة من أصابعنا القليلة جدّا، في الطّريق

و الكثيرة جدّا في حناجرنا المتورّمة من الصّراخ

فهات وحدتك كاملة

لأهبك وحدتي كاملة

فتجمعنا وحدة واحدة لبعض فرح،

لبعض رقص،

لبعض قبلة،

لبعض حزن مشترك

و لبعض محطّة ستنشرنا،

ذات مساء،

على حبل نهاية فتجفّفك منّي

و تجفّفني منّي، أكثر

لتعودي وحيدة جدّا

و لأعود...

وحيدا... في وحدتك

و وحيدا جدّا... في وحدتي...



وٍحْدَتَان.....هيثم الامين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 24 يناير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.