رَتقٌ في خاصرةِ الأمومة..ميرفت أبو حمزة / لبنان
رَتقٌ في خاصرةِ الأمومة
______________________
متورطةٌ بجريمةٍ لا ذنبَ لي فِيها
أمدُّ خيوطَ عُمرِي
حتى آخرِها على نولِ الحياةِ
ألفُّ العُقدةَ فوقَ العقدةِ
وأقُصُها بالصبرِ كَما عَلمتني جَدتي
وأشارتْ عليَّ عاطفةُ الأمومةِ
ها قَد لوَّنْتُ خيطان أيامي
بلياليِها وساعاتِها
على نارٍ هادئةٍ كلَّفَتني
كلَّ الحطب الذي جمعتُهُ لغدٍ شحيحٍ
قد يرغِمُني على نزعِ عظامي كلّها
كي يجدّدَ حادثةَ الاحتراقِ
فأُكملُ ما تبقى
كما دودةٍ فوقَ الأرضِ ..
وزعتُك يا جسدي الهزيلَ
عن طيبِ خاطرٍ
بينَ أبنائِي والدروبِ الوعرة
التي حاصَرتني
بغبارِ مَنْ سبقونِي إليها
دونَ انحناء ..
غيرَ آبهةٍ باعتلالِي ..
بتقوسِ ظهرِ أحلامي
بوشوشةِ الظلامِ في صبحِي
بقُطّاعِ سُبلِ الحياةِ في اللاحياةِ
والتوقعاتِ الجهنمية
التي يطلِقُها الجهابِذةُ
والأطباءُ والعرّافونَ والندابونَ
كثيراً قادَني الحبُ كما العميان
لأطلقَ سراحَ بصيرَتي
كي أرى الهاويةَ بعينِ قلبي
فأسقطُ فيها ..
كثيراً خانني الدربُ الطويلُ
حينَ لَم يكشفِ الجبَّ بعدَ الحب
وتركني أذرعهُ حافيةً من يقينِي
أنظرُ بحسرةِ المفؤودة بالرواءِ
إلى شحِ الماءِ في نهرِي
إلى رحلةٍ تمضي بوعودِ عشتار
وهي ترفعُ سعافَ أخضرَها
على أعمدةِ الريحِ الراحلة
نحو الجدبِ وأسرابِ الجراد
ها أنا أجرُّ آخِري نَحو أوّلي
أمكثُ أمامَ أعوادِ طفولتي
المسروقةِ في سنينِ الحربِ
بين الطائفِ والطائف
لأبني بيتاً صغيراً لا تهمهُ الحروب
فوقَ أصابعِ أمي المتشققةِ
وأضعُ له كفَّ أبي سقفاً
تلكَ التي ضاعَ لونُها
تحتَ الطلاءِ وموادِّ البناء
بينما كان يَبني لنا بيتاً
كي نستريحَ من أدبِ الضيافةِ
بين بيتِ الجَدِّ وبيت الخال
والمؤجِّرِ المشرئبِّ كجندبٍ
على حافةِ الجدارِ ..
آه يا عمرٌ يجرجرُني
بين حريرِ الأمسِ وأسلاكِهِ الشائكةِ
هَبْني بعضَ أيامٍ غيرَ التي مرت
كي أُكمِلَ حياكةَ غدي
بتؤدةٍ .. بتؤدةٍ
بعيداً عن عفويةِ الخصبِ
واعتلالِ جسدي المتداعي
بين الهُنا والهُناك
وأنا أعِدُكَ أن أمضِي بصمتٍ
يُلائمُ قوانينَ الأنثى
بعدَ أن أضعَ آخِرَ عُقدةٍ فيه
وأفرشَهُ تحتَ بلاطِ نَعشي
بينما أنظرُ نحوَ الخلفِ بإبتسامةٍ
ويدي تلوحُ لعمرٍ سيأتي بعيداً
عن هذا العالمِ وجسدي
_____________________
ميرفت أبو حمزة
من ديوان *ليتني*
شكرا وباقات ورد أيها المبدع الأنيق
ردحذف