صلوات عاشق القطط بقلم مصطفى الحناني المغرب


كنت كلما رأيت قطة داعبت فروها
وجثوت على ركبتي لأحضنها
حتى إن صحبي كانوا يوشوشون بينهم :
" المسكين يشكو حرمانا مهولا من العطف والحنان ..."
*******
القطط شبيهات القصائد الطوال يعشقن الصعود
ويسبقن الصوت والحركة
الصعود نجمة تحوم حول مدار القمر ولا تنبس ببنت شفة
تغمز فقط بسخرية لظل وجهه المعتم على سطح الغيم
الغيم شكوى تدفعها الريح نحو الانزلاق في فج النسيان الخطير
النسيان خمرة تسقنيها غجرية
لا تتقن سوى الهمز واللمز و لغة هز الخاصرة
*******
أنا صورة الشعير في القدح
أتلألأ كلما رجتني يدها البيضاء
وابتسامتها خمرة الياسمين
البياض مساحة الغياب الطويلة
في ذهن يعيد تشكيل لوحة أحلام بئيسة كأعمارنا التعيسة
الصورة عصيان المجاز اللغوي مدنيا
على ركوب صهوة الاستعارة المكنية
*******
تقول ابنتي :
أشعل ضوء قلبك يا أبت لكي أراني فيك
فينهمر ماء شديد الملوحة حميم من فروة رأسي
تردف ابنتي بلطف قائلة :
ها قد اشتعل رأسك شيبا يا أبت
وأنا مازلت أتعلم المشي إليك
حافية القلب بساقين من قصب سكر و ضفيرتي فزاعة عقول
القلب كله حفنة من شعير وحنطة من حنين ...
*******
أقول :
العمر يا فلذة كبدي حرائق لا دخان يدل فيها على الخسارات
وقلوبنا الغريبة ترفع أذرعها إلى الله بأكف مقطوعة
لذلك دعواتنا لا تصل ديوان مظالمه
********
تفاجئني ابنتي سائلة :
وهل يسمعنا الله يا أبت ..؟
أجيب متلعثما من رهبة السؤال :
وقد يفاجئنا الله وبركات أنبيائه بصم الأذان
********
أصرخ مائدا بوجهي صوب السماء :
هل حقا تسمعنا يا الله ...؟!
تقول امرأة لا يعرفها الغرباء في قريتنا :
" يستحيل أن يسمعك بعد كل هذا العويل ...."
وتمضي كالشوق بين ضلوع المحبين سافرة
كسيف بطاش يقطع أنما مر بلا رحمة ...
( تشير بسبابتها اليمين ... )
هنا
مخازن مطامرنا هلكها الجوع والجراد البشري
ويقفز منها دعاء مستفز للسؤال :
أين جبروتك يا الله في حماية اللغة من هفوات التأويل ...؟
" وأين محاصيل القوت في الأمعاء الخاوية ...؟"
يقول دمي وما تبقى مني من شعور الغبن المقيت ....
********
القطط التي رأيتها كانت تدرك حجم الزعاف في قلبي
الرؤية كانت رؤاي
والجسد كان عاريا
عالقا بعرش ياسمينة تعلو الجدار
الجدار صمت الحياد المخزي
واللغة مصابة بداء السل المميت
تعال يا الله ندير كأس اللغة بيننا
كيفما يحلو للندماء من أنبيائك في كتبك المقدسة
ولنبين لعبادك سر الإعجاز فيها
ونبحر سوية مع موجة تروح ولا تأتي
خذ بحارك كلها
واترك نهر بلادي يأتيني
أريد سماع صوت الأحرار بالجليل ويافا
********
كيف تنفجر زغاريد اللغة
في قوارير كحل النساء القرويات أهازيج
وتزهو في البيادر متراقصة في علو شطحات التبن المعاول
التبن ذهب الفصول كلها
والبلاد سماء الترقب المبنية محاصيلها للمجهول
********
وأنا الذي تداعب رأسه الريح
تأسرني فراء القطط مذ كنت صغيرا
القطط شبيهات نساء بلادي الجميلات
تقول امرأة لابنتها العروس
وهي تضمخ شعرها بالحناء و الرياحين :
القطط أيضا يمشطن فراءهن
بأناقة النخيلات الباسقات
وينظفن الشوارع مشيا على طواره
بغنج منقطع النظير
لذلك كلما لامست كفي فرو قطة جميلة
خرجت مني ال مياو مياو مياو على شاكلة حنين
ونمت في حضن دفئها
وقلبي تحرسه تباشير التعاويذ ....
••••••••••••••••••••••••••••
أقول :
أي بنيتي
كوني كالقطة في سرعة البداهة
ولا تهتمي لرماد الحرائق الذي علا رأس أبيك
وانظري مليا في حمرة عيون طائر الفينيق فيها
هشي عليه بشعرك ليهز النار بكلتا جناحيه
واتركيه
يطير
يطير
يطير
يطير
ي
ط
ي
ر
صلوات عاشق القطط بقلم مصطفى الحناني المغرب Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 18 يونيو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.