عزيزي ...بقلم سارة الشريف / ليبيا

 🦋

(1)
عزيزي...
عذرا منك اشعر بكثير من الارتباك
لست معتادة على مخاطبتك بشكل رسمي...
ها أنا افكر في  أي تحية تليق بك أكثر ..
مساء الخير أم السلام عليك ...
فنحن منذ أول صدفة
كسرنا الحواجز .. لم نبالِ يوما بإلقاء التحايا..
وحديثنا مفتوح ومتواصل
لم نعرف التوقف...
ننسج الحكايا بشكل متوالية متتابعة  لا نهائية الحدود
فأنت تتقن السرد  وبشكل هرمي
تبدأ  بفكرة وتعمل على تقسيمها بيننا و  تترك لي النصف الأكبر منها

‎أنت تضع البداية وتترك لي النهاية أرسمها كما أحب
 
‎ولأنك تعرف  في النهاية إنني  سوف أرسم دائرة واغلقها بكلتا ذراعيّ  واجعلك في مركزها

‎فأينما وليت  وجهك تجدني أمامك

‎عزيزي أرأيت كيف أخذني الحديث
‎حتى نسيت ماذا اريد أن اقول من البداية
‎لا يهم
‎أكيد كلاما لا معنى له
‎وترهات
‎وتفاصيل مملة كما عادتي

‎المهم والمهم دائما و أبدا
‎أني أحبك
‎بعد كل هذا الكلام غير المهم مطلقا.
🦋
(2)
عزيزي...
ها أنا أعود لثرثرتي المملة من جديد ..
فقد  كنت على عُجالة  من أمرك  في الصباح .

ولم يتسن لي الوقت لأخبرك عن أحلامي البائسة والتي كثيرا ما تراودني...
وأرويها لك فقط
لكي تبتسم   .. وتحاول تهدئتي
وانت تداعب شعري
وتقول لي :
_ لا عليك مجرد  أضغاث أحلام ...

والحقيقة، أنا اتحجج  بالأحلام فقط لأسرق منك تلك الإبتسامة  لأزين بها
صباحي.
🦋
(3)

عزيزي ...

الجو حار جداً
وأنا قلقة على نباتاتي  ..
كما أنا قلقة عليك .

ما رأيك أن انقلها داخلاً
لتستمتع بهواء التكييف .؟
آه ..
نسيت أن الكهرباء تنقطع كثيراً مؤخراً ...
وسوف تتأذى أكثر لو فعلت ذلك...

تخيل لو أنها تمطر الآن ...
سوف أرقص فرحاً أنا وجميع نباتاتي
الصغيرة  ..
وسترقص  معنا
أشجار البرتقال . والليمون . والناسبولي...
وسوف تنثر لنا شجرة الياسمين  من عطرها .
هل سترقص معنا أنت؟
أم ستضحك على جنوني كعادتك ...؟

لقد وضعت الكثير من الصحون الملأى بالماء
في كافة أرجاء البيت
لتشرب منها القطط والعصافير
والحشرات...
ـــ ألا تخافي منها؟
ستهمس لي .
وسأجيبك كعادتي :
ـــ ربما اذا سقيتها  سوف تذكر لي هذا الجميل
ولن تباغتني فجأة  وتخيفني....

ــ لماذا تضحك؟
سوف أسألك .. وستجيبني كعادتك أيضاً :
ــ سوف أفقد عندها
هروبك منها  نحوي وقفزك بأحضاني

* أعلم أنك تسايرني ... وتتحمل  تخيلاتي السخيفة...
وتحاول ألا تزعجني ...

أو ربما
يعجبك أن انشغل عنك قليلا ...

سأدعك تبتهج ولو قليلاً
وأعود أليك وأنا
أكثر جنونا بك.
🦋
(4)

عزيزي...

الآن أجلس واضعة رجلاً على رجل .
وأنتظرك .
لقد تأخرت كثيراً
تجاوزت الساعة منتصف الليل...

أحاول تضيع الوقت
بمشاهدة التلفاز ...
ولكن لا شيء يجذبني
لا أستطيع التركير

عقلي كله معك...
صوتك كان متوتراً
في إتصالك الأخير ...رغم أنك انهيته
بكلمة  (( أنحبك ))  كما العادة

سأعد إلى العشرة
إلى أن  تقبل ..
واحد ..
عشرة ..

سأعيد العملية مراراً وتكراراً
 فالتكرار يعلم العشاق ..
لذة الإنتظار .

ها أنا  أعد، وأهز كلتا رجليّ
نكايةً بك
فأنت تكره هذه الحركة
والتي تعني : (( ناويالك على نية ))

ها أنا أثرثر من جديد
ولحسن حظك
أنك لست هنا...

ولكن لا تقلق
فمنذ غيابك
وأنا أجمع لك الحكايا
في كيسٍ مثقوب
لا الكيس أمتلأ
ولا أنت اتيت .
🦋
(5)
عزيزي ...
لم أنم ليلة البارحة جيدا...
كلما بدأ  النوم يتسلل إلى  عيني
كنت أسمع صوت الفرح يطرق بابنا...

أستقيظ وأجدني متشبثه برجلك .
المثنية نحوك
أتثاءب و أنظر إليك
وأرجع للنوم من جديد .

مع كل صوت طرق على الباب  أجدك تنظر إلى ..
وتهمس لي:
_ ليس هو
ولكنه قادم لا محاله ...

ربما علي أن أسرح شعري المجعد .

وأرتدي ملابسا بألالوان مبهجة .
وأفرش الأرض بالحب
لكي نستعجله
ولكي نليق به .

لنجلس عند الباب
ونحنا حفاة الأقدام
ليعرف
كما هو عزيز علينا
وإن عز نفسه عنا...

لماذا تلمس جبهتي؟
حرارتي معتدلة
لا تقلق ..
هذه هواجسي ..
 عليك أن تعتادها .
🦋
(6)
عزيزي...

قبل أن تذهب...
أريد أن أتبادل معك أطراف الحديث قليلا...
 
*سارة! متأكدة، سنتبادل أطراف الحديث فقط

- ماذا لو تبادلناه كاملا، ليس أطرافا...

-ماذا سيحدث؟

*لاشيء سوى إني سوف أتأخر
على موعدي

- ماذا لو تأخرت؟

*سارة ...
- لنتبادله أطرافا..،
طرف
طرف
طرف
طرف
أربعة
كجدران هذه الغرفة
ولكل جدار
نافذة
تطل عليك ...

*سارة
- خلاص ...
عدي (امشي) ...
وسأتبادله مع الجدران.
🦋

(7)
عزيزي....

صنعت لك القهوة .. وكما تحبها .
سكر زيادة ..
ورغم إنني أحبها سادة
فحديثك سُكرها....

تعال لنجلس على المرجوحة
ولنرتفع بها رويدا رويدا ..
ونفتح ..
ذراعينا إلى أقصاهما

ولنضحك عندما ننخفض بها
وتصفعنا الريح على
وجهينا...

فنحن تعودنا الضحك على
صفعات الحياة ...

ولننظر إلى السماء
ولننظر عاليا
كما يليق بنا ....
لا بأس
أن تسقط الدموع
من عيوننا...

لنكمل الهز بالمرجوحة
أو ..
لتكمل الحياة ذلك .

ولنصعد معها
وننزل بها
دون سقوط ...

آه نسيت أن أسالك
كيف كانت القهوة؟
🦋
(8 )
عزيزي...
 أنا حزينة اليوم وجدا...
ماتت قرنفلتي...
رغم كل محاولاتي لإنعاشها...
ولم أنجح...

مذ وضعتها بجانب الياسمين
بدأت تذبل ...
تُرى هل غارت من تغزلي صباحا ببياض لونه
وتزييني لشعري به ..
 والتقاط السيلفي معه ؟

في الواقع لم يكن عدم اهتمام ..
 ولكنها تزهر قليلا
وقلبي لا يطاوعني أن أقطفها...

سأعاقب نفسي وكذلك الياسمين .
لن اتغزل به باكرا
ولن ازين شعري به
 ولن أخرج من غرفتي
يا قرنفلتي .

سأجعله اليوم كله لك .
أعلم ان هذا لن يجدي نفعا ..
ولكن فقط لأخبرك ..
أني  كنت أحبك .
 واني سأرسم العديد من ازهار القرنفل
وسأقطفها
وأزين بها شعري .

عزيزي ...
كل الفساتين التي اشتريتها لي
لا تناسبني....
انها قصيرة
إلى حد مضحك ...
أنسيت بأن لدي أرجل طويلة جدا...؟

أنسيت كيف أقفز كل يوم
من ضفة لأخرى بسهولة
وأجتاز النهر
بخطوة واحدة

وأقطف لك
تفاحة
من شجرة الجيران
وأنا
في غرفتي،..؟

وجارتنا صباحا تنهر أطفال الحي
الذين لا ذنب لهم.

وذلك الغراب ينعق
كلما  لمحني
لانه يخشى
على قطعة الذهب
التي في عشه .

مسكين
لا يعلم
اني   أنا
من رميتها له
وان ليس كل ما يلمع ذهبا .

أتسمع صوت الريح ؟
الشارع فارغ
ولا
أحد
لتصفعه.
...
ها أنا أثرثر من جديد...

قرنفلتي ماتت غيرة
من الياسمين.
🦋
(9)

‎ ...عزيزي
ضحكت اليوم  كثيرا
حد البكاء
بعد سماعي لخطاب رئاسي كنا نعول عليه كثيرا...

ماذا سنفعل في العيدية وقد أكلتها ذئاب المدينة
قبل حتى أن نشتريها ؟

تعال اذن ..
لنجلس على ناصية الحلم
ولنسترح قليلا أو كثيرا ...
استراحة مقاتل .

لنجلس ظهرا لظهر .. وجهك شرقا
و وجهي غربا ...
ولنضع اسلحتنا على جنب ...
ولنرفع راية الحب
 ونعلن إنسحابنا من معركتهم .

علي بك ..
وعليك بي ..
ولا علينا بهم  .

تعال  ..
لنتخذ من الغابة مسكنا آمنا ..
فمدينتهم هي الغابة الحقيقة ..
وإن كانت بدون أشجار .
 
تعال  ..
لنرمي أرجلنا في النهر
ليمتص منا كل التعب
ويجري به إلى ما لا نهاية .

تعال ..
لنقطف من أوراق الشجر  ..
ما نواري به
ندوبنا وجراحنا .

تعال ..
لنتخذ من الكهف
  ملجأ لنا
أنا و أنت
وثالثنا
الحلم...
🦋
(10)
عزيزي...

الآن ..  وبينما أحضر لمحاضرتي...
والتي تتعلق بالاستثمارات طويلة الأجل...
والتي ينجذب إليها المستثمر لأنها أكثر  آماناً .
كما أنجذب إليك تماماً...

واجهتني مسألة معقدة نوعاً ما

تذكرت مسألتنا المعقدة جداً
والتي لا أريد لها حلاً

كلما استخدمت الآلة الحاسبة
وكلما جمعت أرقاماً
تذكرتنا
ونحن نقوم بالعمليات الحسابية
لقائمة المشتريات
وطبعاً
الكتب التي لا تكفي الميزانية  لشراءها ..
أتذكر الآن أول كتاب استعرته مني...
ولم ترجعه إلى الان ..
ولن ترجعه .
أعرف ذلك ..
لكني على استعداد لأعيرك المزيد .

الان وقد أصبح لدينا مكتبة كبيرة
مكتبة واحدة
وقلب واحد
روح واحدة
و .. شغف واحد...

أريد أن أنشغل عنك
كيف ؟
وكل الأشياء تذكرني بك

من ضمن قائمة طُلابي
من يحمل أسمك
وها أنا  أضع تحته الكثير من الخطوط في اللاوعي ...

كل هذا التوتر
يذهب أدراج الرياح
بمجرد أن ألمحك
كل هذه الثرثره
لا تجد لساناً ينطق بها...

أكتفي بتنهيده ونفس طويل

وحصد غنائم الغياب...
🦋

(11)

عزيزي
تعال ..
  وكما العادة
 لنصنع
كعك العيد سويا ..
ونأكله فور نضجه .
بمجيئك يحل العيد ....

ولنرتدي الحب لباسا
مبهجا
يليق بالعيد .

ولنقف عند النافذة
ونلوح للمعيدين
ونقذف لهم من الإبتسامة
قدر المستطاع...

لم تعد الأيام تليق بالعيد
الأفواه مكممة
والأحضان محظورة ...
والأيدي في ارتباك
والأقرباء  بهذا أو
بذاك
في ابتعاد...

يبدو أن الأموات أخذوا
معهم
فرحة العيد .

سمعت ميتا ينادي الأطفال
لأخذ الحلوى...
ويسألهم من أين لهم ملابس العيد .
وشممت رائحة العود والبخور ...
يبدو أن الجدات يتعطرن ...

هناك  ..
العيد .
هناك  ..
الفرح .
هناك ..

أما هنا ..
 الأحزان تغتال الفرح
في قلب الشباب...

كل العمر و أنت عيدي ...
🦋
(12)
عزيزي...
رتابة هذا اليوم..
رمادية...
كيف؟
إنها غير واضحة تماما
لا هي بيضاء نقية .. تزهو بها الروح .
ولا سوداء كحلية تنفر منها .

الوقت يمرر نفسه  علينا ..
كغيمة  تمرر نفسها حول القمر.

تذكر كاسة الشاي الأحمر  بدون سكر
وبعد غلية (غلوة ) طبخة واحدة
 لا طعم ولا لون ولا رائحة ..

هكذا هي  الرتابة...

كيوم لست فيه ..
يمر مرور كرام .

الملل يأكل أطراف أصابعي...
ومع كل قضمة
أسمعه يردد أسمك.

أسمك الذي
كلما سمعته 
ينزل على رأسي
كطاقية الإخفاء....
اتلاشى ....
وأسلك أول طريق  يقابلني...
فكل الطرق
تؤدي إليك....

وأنا في طريقي إليك
رأيت جسرا  موصولا بالسماء..
وكانت الفراشات الزرقاء تزينه .

جلبت لك معي بعضا منها...
لتزيل عنا رتابة هذا اليوم ...
🦋
(13)

عزيزي...

أكره الفراغ...
تنتابني حالة غريبة في إنشغالك عني...
مكانك الفارغ تماما
منك ومني...
أنظر إليه من بعيد
لا أستطيع الإقتراب منه ..
أخشى الأشياء وهي تسألني عنك...

قلمك ..
دفترك
مكتبك ..
 
وذلك الكرسي الذي كثيرا ما نتشاجر عليه
وأقصد أن  أغضبك  بقولي (اللي سبق كلا النبق)
تعال ..
سوف تجدني هادئة ساكنة
لن اتفوه بحرف .

تعال ..
فكل أشيائك تشتاقك
وأنا أولها..

 والنافذة التي أحبها 
لانك تطل علي منها...
نافذة لا تطل عليك
لا يعول عليها .

فراغ روحي دونك؛
وحدك ..
من يملؤها
بهجة و سرورا
وامانا...

في غيابك ...
باب البيت  انتابته حالةهستيريا ..
صار يطرق نفسه بنفسه ..
ويفتح نفسه
ثم يبكي
لعدم وجود أحد...

اليوم صباحا سمعت ضجة كبيرة

 فإذ هي أبواب بيوت الجيران
تنادي في العابرين
لكي يطرقوا بابنا
لعله يهدأ .
مسكينة الأبواب
لا تعلم بأن العابرين مسلوبة أرواحهم
و لا يلتفون لأحد ...

وروحي لا تلتفت إلا  إليك.
 
منذ غيابك لا باب هدأ
ولا أنت أتيت .

عزيزي ...بقلم سارة الشريف / ليبيا Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 23 يوليو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.