دم لشجرة التوت التي غرستني بقلم الطيب صالح طهوري الجزائر
شجرة التوت التي غرستها منذ سنتين ابتهجت حين رأتني أمرُّ قريبا منها..
لكنني كنت تائها ولم يصلني صوتها العميقُ..
لم ترجَّني آهاتها..
كانت الطريق أمامي مظلمة..وكنت أتحسس الخطى بطيئا..
شجرة التوت نكست أغصانها والتوتْ..
لا فرق بين التوتِ والتوتْ، قالت صامتةً..
وكنت بعيدا..
***
سرب عصافير مرَّ بي في الظلامِ..
مر عاليا عاليا..
زقزقاته الندية كانت ورقي وغيومي..
وكنت وحيدا..
حط السرب على الأغصان التي التوتْ..
كان متعبا..
تدفق بين أوراقها ..
كانت الريح قد بدأت عواءها..
وكان الغيم ينثر برقه في سماء المكانِ..
وكنت بعيدا..بعيدا..
***
أطلقت الغيمة ماءها البرَديَ..
باردا، باردا ..
أطلقت الشجرة أشجانها الغجريةَ..
أوراق كثيرة سقطت..
عصافير كثيرة كانت في الأسفل دما خاثرا..
مثلها كنت في الأسفل دما خاثرا..
وريشا يتطاير بي في الفضاء
***
...
..
.
كانت الأزهار شمس الصباح بعد أيام من دم العصافير ومن دمي وريشي..
وكنت هناك ،أسفل الشجرة،أغنية لماء الحياة..
أغنية للمدى..
كانت العصافير تزغردني..
وكنت الطريق
***
الطريق هذا البهاء الذي ضمني في الدم الخاثر..
في الريش الذي لونًه..
الطريق هذي الشوارع التي امتلأت بالأشجارِ التي زرعت ظلها في المكان..
هذا الفضاء الذي غيَّمت أصواتنا في الحياة به..
هذا النداء الممرُّ..
الطريق هناك الحقولُ..
هناك الرعاةُ..
المروجُ..
الشموس التي عانقت وهِجنا في الحصائدِ..
أشجارنا في البهاءِ..
الحصان الذي سيحمحم فارسَهُ هاهنا، حيث نحن الذين نعانقنا في الصباح الجديدِ..
وحيث الرؤى بدء أفراحنا في الصهيل ..
وأنهارنا في الحياة
***
صارت الأرض خضراء خضراء..
كنا لها شاهدينَ..
وكنا هنا..واقفينْ
***
تلك آيتنا..
هكذا ستكون الحياة
دم لشجرة التوت التي غرستني بقلم الطيب صالح طهوري الجزائر
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
06 مايو
Rating:
ليست هناك تعليقات: