السّؤال الأخير ...هيثم الأمين/ تونس

 السّؤال الأخير

ـــــــــــــــــــــــــ

الرّجل الذي

كان يجلس، وحيدا، في عرائهِ

لم يكنْ.. يتيما؛

لقد كان يحمل، في حقيبة سفرهِ،

 طفلا صغيرا ملفوفا في أغنيات أمّهِ

و كانت ساعة فمه تشير إلى حليب نهديها و بكاء خفيفْ !!

الرّجل الذي

كان يتسكّع، وحيدا، خارج وجههِ

لم يكنْ دون وطنْ؛

لقد كان يحمل، في جيب سترتهِ،

اسم قريته، 

نباح كلب الجيران و هو يعود، إلى فقره، سكرانا،

رائحة شتائم الرّفاق

و تميمة كُتِبَ، داخلها، أغنية "كلّنا نبغي الحمى" !!

الرّجل الذي

كان يجلسُ، وحيدا، في مأتمهِ

كان يقدّمُ التعازيَ لهُ

و كان يحمل، داخل رأسه، جثّتهُ كاملةً

بينما كانت أصابعهِ تشير إلى تمام القهقهة !!

الرّجل الذي

كان في المحطّة، وحيدا، ينتظر شيئا ما / شخصا ما

لم يكن دون حبيبةٍ؛

لقد كان يقرأُ شالها، المعلّق بالنّافذة،

و يُترجم صمتها للغة القطاراتْ

و يتهجّأُ ركبتيْها العاريتين 

عندما قَفزت إلى خارجِهِ

و كساعة، في ساحة عامّة،

كان كلّهُ يشير إلى تمام شفتيها و هي تبتسمْ !!

و أنا... أنظرُ إلى كلّ هؤلاء

من وراء ثقب صغير في أصابعي

بينما أكتبُ،

بوحدتي،

كلّ خطواتي المؤجّلة على رصيف ينتهي عند باب خلفيْ؛

باب لا يأخذني إلى حكايات جديدة

و لا يُعيدني... إليّ !!

و أُلوّحُ لهم... لأراني

فلا أرى منّي إلّا

وجهي في عرائي،

وجهي في غربتي،

وجهي في مأتمي

و وجهي 

و أنا أُترجم تفاصيل حبيبتي إلى انتصاب العادة السّرّيّة

و كلّي يشير إلى تمام الفراغ...

رجاء، أيّها الباب الخلفيْ؛

كم من الوقت سأحتاج لأعبر كلّ وحدتي

لأصلَ إلى آخري... فأمتلئ؟ !!



السّؤال الأخير ...هيثم الأمين/ تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 20 فبراير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.