حليب فاسد ...هيثم الأمين / تونس


عندما لا يكتب الشّاعر لفترة طويلة

تصير أصابعه مرّة كحليب فاسد...

يخلع رأسه و قلبه،

يتركهما في حكاية باردة

أو على رصيف حزن لا تعبره النّساء الجميلات،

ثمّ يجلس 

في وحدته 

كرجل بدائيّ جدّا... 

في وحدته،

يصنع من خشب رجليه 

كرسيّين و مسافة

و يصنع من الصّخور التي تجثم على صدره

وجها له؛

وجها لا يشبه القطارات في شيء،

لا يشبه المحطّات،

لا يشبه وجه حبيبته

و لا يشبه في شيء

مشهد موته الأخير!!

عندما لا يكتب الشّاعر لفترة طويلة

تتحلّل أصابعه كجثّة بحّار

و تصير رأسه سفينة تمارس الغرقْ!

لا تسألوني، الآن، عن قلبه...

فعندما 

لا يكتب الشّاعر

يصير قلبه مدينة أشباحْ

و يصير بلا وجه،

بلا أسماء،

بلا حكايات،

بلا ذاكرة

و بلا نوارس تقود بوصلته المصابة بالجنون

إلى شاطئ ما...

عندما لا يكتب الشّاعر

يتذكّر جيّدا

أنّ هذا العالم كان حذاءً

خلعه إله تعب من المسير

فتركه على الأرض

و ذهب ليتعلّم السّباحة في سرّة حبيبته...

عندما لا يكتب الشّاعر لفترة طويلة جدّا

يحرق كلّ قصائده

و يقهقه حتّى يصير هاوية...



حليب فاسد ...هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 10 أغسطس Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.