مِمحاة وقلم ومِبْراة ...أيمن معروف / سوريا
🌓
مِمحاة وقلم ومِبْراة
حدَّقْتُ كثيراً. لمْ أرَ القلمَ. رأيتُ،: صمتَهُ. رأيتُ: أَثَرَ الصّمتِ.
كانتِ المِمحاةُ، ذاهبةً في شغلِها أطولَ منْ قامةِ قلمٍ وفائضِ ظلًّ. بينما المِبْراةُ على حافَّةِ اللّيلِ، بانتظارِ عملٍ ما.
قلتُ،: - وراءَ كلِّ قلمٍ مِمحاةٌ، وقلتُ،: أوّلُ الواجباتِ المَحو.
*
القلمُ الّذي يتوقَّدُ بينَ حافّتَيْنِ لا تروقُ لهُ فكرةُ البياضِ على الدّوامِ، تقولُ الكلماتُ. لأنّهُ على الأرجحِ بين المِمحاةِ والمِبْراةِ، يظلُّ مُضْطَرِباً بينَ احتمالَيْنِ: احتمالِ المَحوِ واحتمالِ الكتابةِ.
*
خيطٌ رفيعٌ منَ الرَّيْبَةِ والانبهارِ بينَ المِمْحاةِ والمِبْراةِ.
قلتُ،: - يكفي هواءٌ قليلٌ يتسلَّلَ منْ شقِّ البابِ كيْ يُحرِّكَ السّكونَ فيتحرَّك الخيطُ وتحيا المسافةُ ما بينَ انشِغالِ الكلامِ بتأويلِ أزهارِهِ في الظّلامِ وما بينَ احتدامِ الوشايةِ في آخرِ النّصِّ.
*
في الكتابةِ يخافُ القلمُ، أحيانا، منَ المِبْراةِ أكثرَ منْ أيِّ أمرٍ آخر. ،: إنّهُ، ينسحبُ منْ داخلِ النَّصِّ، لصالِحِ المؤلِّفِ.
*
بينَ مِبْراةٍ، وقلمٍ، ومِمْحاةٍ،: يقفُ المؤلِّفُ على خَطِّ الزَّوال.
*
يقولُ القلم الشّاهدُ الوحيدُ المُضيءُ في عتمةِ الكلماتِ،:
- وبعد، منْ يملكُ القول؟.
*
هكذا هو،: يبكي. هكذا هو،: يضحك.
أسوأُ ظَنٍّ، أنّهُ،: - في ورطةٍ. أسوأُ الظّنِّ. مركوزٌ هو إلى وظيفتِهِ، هكذا،: - يبكي ويضحك.
*
ترغبُ الكلماتُ أنْ تسهرَ ليلَها عاريةً. غير أنَّ القلمَ دائماً في الطّريقِ إلى النّصّ يرتكبُ خطأً إضافيّاً وهو يُحاولُ أنْ يرسمَ شكلَ الصُّراخِ على هيئةِ مفردات.
*
هكذا، دائماً، نتذكّرُ: الكلماتِ، وننسى المِمحاةَ، والمِبْراةَ، والقلم.
ليست هناك تعليقات: