وأحصي الغبارَ ...هاني يحيى / مصر

 وأحصي الغبارَ


يزرعُ الناسُ أقدامَهم بالصواعقِ

ظانينَ أنَّ الحرائقَ تمنحُ أرواحَهم جهةً للخلاصِ 

وأنَّ القيامةَ قادمةٌ

حيثُ تصْطفُّ أحلامُهم في  انتظارِ الوصولِ

وأملأُ قلبي برائحةِ الناسِ منهمكينَ بحصْدِ الدخانِ  

أنا مارقٌ أرقبُ العابرينَ وأحصي الغبارَ وراءَ خطاهم

 وجوهٌ تمرُّ

وأعرفُ أنَّ الذي ينتهي 

                        ينتهي للفراغِ 

ولكنّهُ القلبُ يأبى التخلِّي 

فأهذي كمن تتكاثرُ بين يديهِ البراكينُ 

قلتُ اعطني جثتي أرتديها وحيدًا وأمضي

أنا تَعِبٌ من صدى الآخرينَ يطنُّ برأسي

أنا غابةٌ من مرايا مهشَّمةٍ

              دسَّها الغرباءُ بذاكرتي ثُّم غابوا 

وجوهٌ تمرُّ

فحينًا لقرطاجةَ المجدُ 

أقْبلَ بحّارةٌ يقضمُ الجوعُ أعضاءَهم

والمدينةُ لا تمنحُ الغرباءَ سوى أملٍ كاذبٍ

غيرَ أنَّ الغريبَ يفرُّ إلى أيِّ شيءٍ يثيرُ الحنينَ

وحينًا على بابِ فارسَ يزهو الغزاةُ لمرأى المدينةِ

حيثُ السماءُ بكاملِ أزرقِها عانقتْها

                         ولكنَّها لا تجيدُ الصلاةَ

المدائنُ فاتنةٌ كالبداياتِ

            مغويةٌ كانتحارٍ وشيكٍ

أنا مارقٌ أرقبُ الناسَ يمضونَ في جسدي

حاملينَ القناديلَ فيما أصابعُهم توقظُ العتمةَ 

 انتظروني

أنا قادمٌ حاملًا جسدي مثلكم للقيامةِ

لكنّني في الطريقِ حلمتُ

ولست أريدُ سوى ساعةٍ أكملُ الحلمَ

                    أكملَُ حلمي الوحيدَ 

                            وأحصي الغبارَ 

                                           وأذهبُ

*****        *****        *****

هاني يحيى

مونتريال 5/8/2022


وأحصي الغبارَ ...هاني يحيى / مصر Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 05 أغسطس Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.