نَحْنُ الَّذِينَ يَتَسَكَّعُونَ فِي الْهَامِشِ بقلم عبداللطيف شاكير المغرب



نَحْنُ الَّذِينَ يَتَسَكَّعُونَ فِي الْهَامِشِ،
بِخُطًى بَاهِتَةٍ،
لا تُبَلِّغُ حُلما،
وَتُغْرِقُ فِي السَّرَابْ.

نَسِيرُ بِدِمَائِنَا البَارِدَةِ،
عَكْسَ كُلِّ شَيْءٍ،
وَدُونَ كُلِّ شَيْءْ،
نَنْزِفُ بَعْضَنَا...
جُزْءًا، جُزْءًا،
وَالطَّرِيقُ لا شَيْءٌ.

وُجُوهٌ أَنْكَرَتْهَا المَرَايَا،
هِيَ الفُصُولُ حِينَ تَخْتَّلُ مَوَازِينُهَا،
تَذُوبُ الأَجْسَادُ فِي ظِلِّ الوَقْتِ،
فَنُسَارِعُ نَحْوَ ضَوْءِ الرُّوحْ،
ذَاكَ الَّذِي يُلُوحُ فِي آخِرِ نَأَمَةٍ،
وَأَمَنَةُ العَيْشِ مُسْتَلْقِيَةٌ عَلَى سَرِيرِ المَجَازْ.

مِنْ عُيُونِ الْوَقْتِ،
وَصَرْخَةُ الحَيَاةِ فِي أَوْجِهَا،
نُطِلُّ عَلَى مَا فَاتَنَا،
وَمَا قَدْ يَأْتِي.

وَعَلَى الضِّفَافِ،
بَوْحٌ سَرَى بِهِ الصَّدَى لَيْلًا،
يَنْتَظِرُ مَرَاكِبَ الأَقْدَارِ.

أَيَّتُهَا الرِّيحُ هُبِّي أَمَلًا!
وَلْتَحْمِلِي أَحْلَامَنَا مِنْ مَهْدِ النَّارِ،
نَحْوَ مَرَافِئِ الرَّجَاءِ.
لِتُخَلَّقَ المُضْغَةُ فِي فَرَادِيسِ الأرْحَامْ.
لِيُزْهِرَ الطِّفْلُ فِي بَسَاتِينِ الحَيَاةْ،
وَتَسْقُطَ عَلَى الأَرْضِ البَغِيضَةِ
تَمَاثِيلُ الأَوْهَامْ.

البَحْرُ دَمٌ،
وَالحُوتُ نَبْضٌ،
غَادَرَهُ نَبْضُنَا.

نَحْنُ الَّذِينَ صَابَرْنَا،
وَأَدْمَتْ أَشْوَاكُ الانْتِظَارِ خُطَانَا،
الْتَهَمْنَا خَوْفَنَا عَلَى أَرْصِفَةِ الخَيْبَاتِ،
رَدَّدْنَا الْأَغَانِي الفَانِيَاتِ
بِلَحْنِ الأُمْنِيَاتْ،
وَقَارَعْنَا نَخْبَ الأَوْجَاعْ.
هَا نَحْنُ نُرَتِّلُ أَبْيَاتَنَا فِي رُهَابِ الصَّمْتِ،
تَحْتَ سَمَاءٍ لَا تُشْبِهُ سَمَاءَنَا،
وَلَا سَمَاءَ أَحْلَامِنَا.

هُوَ الْمَاءُ فِي تَجَلِّيَاتِهِ؛
رَذَاذٌ هُنَاكَ!
يُخْرِجُ زَرْعَ الأَنْفَاسْ.
يُمَشِّطُ أَهْذَابَ السَّنَابِلِ فِي مَهْدِهَا.
وَدَمْعٌ هُنَا يَحْفِرُ الخُدُودْ،
يُخَلِّدُ لِلْجُرْحِ ذِكْرًى،
وَيُجَدِّدُ المِيعَادْ.

نَحْنُ أبْنَاءُ اللهْ،
بِمَرَارَةِ الأَقْدَارِ
تَسَلَّقْنَا أشْجَارَ الْوَفَاءِ،
بِحِبَالِ عُهُودٍ فَتَلْنَاهَا فِي الظَّلَامْ.
لَمْ نَنْقُضْهَا.
نَقَضَنَا غَزْلَنَا كَمَا عُرْوَتَنَا،
وَرَتَقْنَا أثْوَابَ الوَهْمِ بِخُيُوطِ السَّرَابْ.
نَسْخَرُ مِنَّا بِمَا أُوتِينَا مِنْ بَغْضَاءٍ،
نَسْتَسْقِي ضَرْعَ السَّمَاءِ،
وَنَحْنُ الغَارِقُونَ فِي الزُّلَالْ.

نَشْتَهِي مَا نَشْتَهِي،
مِنْ ثِمَارِ العَاصِفَةْ،
وَأطْبَاقِ الحِمَمِ.

نَلُوكُ مَرَارَةَ اليَوْمِيّْ،
نُفْرِدُ أجْنِحَتَنَا لِلرِّيحِ،
نَسْتَسْلِمُ لِلْحُبِّ قَدَرًا،
وَنُمَارِسُ تَعَاسَتَنَا فِي الْهَامِشِ.


نَحْنُ الَّذِينَ يَتَسَكَّعُونَ فِي الْهَامِشِ بقلم عبداللطيف شاكير المغرب Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 13 مارس Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.