دور الشعراء في إثراء المشهد الثقافي والأدبي – سمر لاشين أنموذجاً بقلم الشاعر الأردني : محمد عويس


لماذا نكتب الشعر ؟
وما هي وظيفة الشعراء منذ عصور الجاهلية الى عصر الحداثة ، وما الذي يمكن أن يتناوله الشعراء في قصائدهم وتترك أثراً نافعاً في إثراء النفس البشرية بالمعرفة وخطاباتهم في إشعال الأمل في الشعوب العربية وتصوير معاناة الانسان من كل قوى الظلم والاستبداد والأهم من كل هذا و ذاك ماهو دورهم في نشر الثقافة والأدب العربي ؟
يتجلى دور الشاعر في الحياة بأن يكون منارة الأمل وصوت الحقيقة وصائغ الحِكمة والثوابت وهو قبل ذلك وبعده: صاحب رسالة سامية يحيي الضمائر إذا جفّت ويرفع الهمم إن أوحلت، وينتشل الأمة بوعيه وقصائده
لذلك تتوالى مهمة الشاعر في أرضه ووطنه أن يزرع بين أحشائها بذار الأمل حتى إذا سمت داخله، وصارت ظلالها وارفة أفاض بها على المجتمع، فالشعر كالكأس متى امتلأت واستوعبت ما فيها لحدها الأقصى كان الإشباع وبعده فإن الكأس تفيض بما فيها من خير عميم على من حولها .
فالعقاد يرى أن الشعر مقتبس من نفس الرحمن وأن الشاعر الفذ بين الناس رحمن أوليس هو القائل:
والشعر من نفس الرحمن مقتبس
والشاعر الفذ بين الناس رحمن
بلى فالشاعر تفضي إليه ألسنة الدنيا بأسرارها فهو روح الوجود وضميره والشاعر أعلى درجة من غيره ومن وصل إلى هذه المرتبة فقد حقق أعظم مأرب في الحياة
ويقول أمل دنقل :
وظيفة الشاعر الحقيقية
هي وظيفة وطنية وليست وظيفة رسمية أو لقباً من ألقاب الصالونات والمهرجانات ، ومن هنا أسقطت من نفسي كل الأوهام التقليدية التي اعتاد الشعراء أن يلصقوها بأنفسهم، أو اعتاد الناس أن يلصقوها بهم
لم أعامل نفسي كشاعر على أنني إنسان منفرد أو متميز عن الجميع، فيجب على الناس أن يفسحوا لي الطريق، أبداً. إنني أؤدي دوراً، والعامل الصغير يؤدي دوراً، وكلا الدورين لا يقل شرفاً عن الآخر .
ويشدد الجاحظ أن للشعر وظيفة ذاتية تتمثل بفائدتين: فائدة للشاعر المادح وفائدة للممدوح، أما فائدة الشاعر فتكمن في إبراز عبقريته أو موهبته الشعرية، وأما فائدة الممدوح فترجع الى تخليد مآثره وذكره على مر الأيام. ووظيفة التخليد هذه هي التي اهتم بها العرب في العصر الجاهلي
وثمة وظيفة اخرى للشعر عند الجاحظ هي التثقيف
وذلك بفضل ما ينطوي عليه من معان عميقة وصحيحة
ومن هنا فإن خير نموذجٍ للشاعر الإنسان الفعال في مجتمعه وخير ما جادت به العربية لتجربة شعرية يُحتذى بها ما تقوم به الشاعرة المصرية سمر لاشين
فهي شاعرة مصرية نشأت في بيئة ريفية استمدت منها المادة الخام لقصائدها، ومن جريان النيل استمدت قوتها وعطاءها ومن الفراعنة الجِسام إصرارها في بلوغ غاياتها وتحقيق إنجازاتها بكل شغف وإصرار .
بدأ ظهورها ككاتبة وشاعرة ببداية العام 2015
بانضمامها إلى “تجمع الأدباء والكتاب السوريين والعرب الأحرار” الذي أسسه الشاعر السوري الراحل : محمد أحمد خليفة والذي تقوم فكرته بالاهتمام باللغة العربية بشكل عام وبالشعر وتقدم الدعم والتوجيه للشعراء بشكل خاص ، وقد بدأت مسيرتها في المساهمة في إثراء المشهد الثقافي في التجمع حيث شاركت في إدارته وكانت المديرة التنفيذية لمجلة الكترونية تابعة للتجمع ( مجلة تجمع الأدباء والكتاب السوريين والعرب الأحرار ) لنشر نصوص الشعراء وتوثيقها وكما ساهمت في إنشاء قسمٍ للترجمة وآخر للتسجيلات الصوتية وقسم للهايكو والقصة القصيرة .
ولأن النهر بداخلها لا ينضب، وجوهر اللغة لا يهدأ عن طرح الأسئلة في خيالاتها وأفكارها بتقديم ما يمليه عليها حدسها وضميرها الشاعر بالاهتمام بالعنصر النسوي من الشاعرات والكاتبات في الوطن العربي، تقول سمر لاشين:” طوال الوقت تشغلني قضية أكبر مني وهي لماذا لا توجد كاتبة أو شاعرة بحجم وقوة وجود الكاتب أو الشاعر ؟! بمعنى آخر لماذا لا توجد شاعرة بحجم الشعراء الكبار يكتب لها الخلود ؟! ”
وقادها التفكير للمساهمة في فعل أي شيء ولو بسيط يدعم المرأة الكاتبة بإنشاء ما يسمى”طروادة نون النسوة ” وذلك في العام 2017م
جمعت فيه أكبر عدد من الكاتبات من مختلف أقطار الوطن العربي ومن شتى المجالات الأدبية سواء في الشعر أو القصة أو الومضة للإشارة والإشادة بما يكتبن من نصوص وتقديم الدعم لهن بشتى الصور . ولإضفاء الشرعية لمبادرتها أنشأت في العام ذاته لهن مجلة الكترونية لتوثيق نصوصهن وراسلت بعض الصحف العربية لنشر قصائدهن في الصفحات الثقافية وقد احتضنت جريدة الحياة الأردنية نصوص فارسات طروادة على صفحاتها في نشراتها الثقافية الأسبوعية وقامت بتسجيل بعض الأعمال الصوتية لكاتبات وشاعرات ونشرها على اليوتيوب والساوند كلود، وفي نهاية العام 2017 تم الإنتهاء من أول عمل ورقي يحمل اسم “فارسات طروادة نون النسوة” ، وهو ديوان شعر يضم كاتبات من مختلف الدول العربية وذلك بمساعدة صاحبة دار النوارس للطباعة والنشر التي قامت بطباعة الديوان على حساب الدار كمساهمة منها و دعم لمشروع طروادة.
دائما الأفكار الناجحة بحاجة إلى قناص وإلى من لديه القدرة على تنفيذها بمنتهى الصبر والحب، فمن فكرة بسيطة تابعتها على صفحات التواصل الاجتماعي ( فيسبوك )، كان يقوم بها الأخوة السودانيون للاحتفاء بكاتب سوداني كل فترة تحت هشتاج ” اليوم العالمي “، قامت بطرح الفكرة لتنفيذها على مستوى الوطن العربي والعمل على تطويرها وتقديمها في ثوب جديد وبالفعل أنشأت في أكتوبر 2018 مبادرة أطلقت عليها ( مبادرة أثر الفراشة )
تقول عنها الشاعرة سمر لاشين : إنه بعد طرح الفكرة تم تشكيل فريق للعمل على تنفيذ أهداف هذه المبادرة، والتي من أهمها التعريف ولفت الانتباه إلى كاتب غير معروف لدى الجميع ولديه موهبة حقيقية تستحق الدعم، إلى جانب الاحتفاء ببعض الأسماء المعروفة والتي لها باع في المجال الأدبي والثقافي كنوع من التّكريم لهم في حياتهم، وذلك من خلال عمل فعاليات ونشاطات للكاتب مثل قراءات نقدية، حوارات، وبثّ مباشر، تسجيلات إذاعية، نشر قصائد له بالصّحف والمجلات مما قد يساهم، ولو بشكل بسيط، في إثراء السّاحة الأدبية الثقافة العربية على أوسع نطاق.
ولا تزال هذه المبادرة قائمة وتستضيف كل أسبوع شاعراً أو شاعرة لغاية كتابة هذه السطور .
هذا النموذج استخدم الإمكانيات المتاحة للمساهمة في إثراء المشهد الثقافي والأدبي من خلال منصات التواصل الاجتماعي، مما يدل على أن هكذا نماذج تنتظر أقل الفرص لتصنع منها أشياء تفيد مجتمعاتها بشكل خاص ومجتمعات أخرى بشكل عام.
المصادر والمراجع :
1 – ويكبيديا
2- وظيفة الشاعر الحقيقية – القدس العربي – امل دنقل
10 اكتوبر 2015
3- مهمة الشاعر – د. نزار نبيل ابو منشار – شبكة الألوكة
2 يونيو 2016
4- ديوان العرب – ابراهيم مشارة – شاعر الجلال عباس العقاد 28 ابريل 2007
5- مقالات ودراسات اخرى
دور الشعراء في إثراء المشهد الثقافي والأدبي – سمر لاشين أنموذجاً بقلم الشاعر الأردني : محمد عويس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 27 مارس Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.