للموت ملائكة كثيرة و نصوص أخرى بقلم أوس غريب / سوريا
للموت ملائكة كثيرة هي ملاكه الوحيد
مثلما تنفعل قلوب الناظرين إلى نجمة في المساء
فيقولون الله
يكون اقتطاف النفوس
شُعَلٌ تنطفي فجأةً
لأن ظلام الشروق الجليل يحين
ولان نهار الغروب الجليل يحين كذلك
مثلما يمسح الضوء في حجرة عتمةً
يكون انتهاء الحياة
شعل تتوقد في لحظة
فتشع وتخفى
كنتَ بالباب
لكنْ رجعتَ
لماذا !!!
كان انتظاري جميلا
وكان رضاي كبيرا
وكنتُ أنادي عليك.
لماذا تراجعت عني
وملت إلى آخر يتشوق
يرمي شباك المنى في محيط
ويصطاد انفاسه كلها دفعة واحدة
لكي يأخذ الكون في رحلة
نحو سر تليد
تموج على صفحة القلب انغام وقت يذوب
ينمحي في الحضور الذي لا يفسر
وكيف يفسر امر تجلى
واتخم كل الحواس واسكر
انا الآن حي
فما من وجود لغير الحياة
فإن مت في لحظة واختفيت
فهل كنت اصلا اكون
لولا حقيقة تسويتي في الغياب
اعود كما لم اكن
او اعود كما كنت قبلا
بكل الجهات اعود
ومن جاء عاد
هكذا احتفي بالمجيء السعيد
احتفي بالمجيء
إلى عودتي
بعد ان انجز الروح ما يستطيع
للموت ملائكة كثيره
هي ملاكه الوحيد
وحدة يتكاثر من بذرها كل شيء
ويعود إلى جذرها كل شيء
شعل تتوقد في لحظةٍ
شعلٌ تنطفي فجأةً
نار تصير رمادا
رمادا يقوم
إنه عالمٌ لا يزول به
اي شيء
ولا شيء فيه يدوم
..........................
بين عالمين يتحرك الإنسان
العالم الذي يملأ حواسه
العالم الطازج
الذي يراه
بكامل قبحه وجماله
والعالم الذي
يتخلق في وجدانه
كلما انفعل انفعالا متساميا
أواشرق إشراقة نبيلة
هذه هي ثنائية الموت والحياة الاصلية
فالميت هو الذي لا يزكم انفه رجيع الأيام القبيحة
ولا تتحرك اوتار روحه بموسيقا الجمال الابدي
ولكنه الإنسان الحي
كلما خرج إلى نفسه من نافذة الأشياء
فاحتضن العالم واستشعر وحدته المخفية
واصلا شمسه
بشمس الافلاك
يسنو بضوئها الكاشف
ويجري بنسائمها المسرحة
..................................
أقيس المسافة بين انبلاج الهوى والزمان
فأعلم أن المحبة تطوي الزمان
وأن المدى جنح روح ترفرف فوق القلوب
تمحو الحدود
وتأتي اإلى نفسها
من جميع الدروب
هنا يلتقي الغرباء
يذوب العداء
تسيل الينابيع بيضاء خضراء
من ضحوة الحرب
حتى دم الاشقياء
تنافت جميع وجوه الحقيقة
لتسمع إيقاعها
في احتراب المذاهب
والانتماء
وتكشف عن زيفها كاملا
في كلام السماء
هنا بشر مرسلون
ولهم وحيهم كل حرب
وكل غنيمة
يسوسون ايامهم باللغات الرجيمة
كان لهم قدوة
وكانوا مشاعل نور
كلهم قتلوا غيلة
وقامت على موتهم
كلمات القبور
كلمات الحياة التي انغلقت
ونعت نفسها
كل دور وكور
لم أكن نورسا لأتابع موجا يغني
ولحما طريا
يشد ذئاب البحار وراءه
لم اكن مرفأ او حدودا
لأبصر كيف المدائن لم تطق نفسها
وغصت بأبنائها
ثم فاضت بهم
جثة جثة
وحلما فحلما
فداروا كما لعنة في جهات الحضارة
لا يشفقون على نفسهم فيموتوا
ولا من حياة تساوي خساراتهم
من بلاد الحقارة
تغوص السكاكين فيهم
ويبقى يحملق إيمانهم
بالمنية
كيف تجيء
وأيان تذهل
مثلما شجرة توسدت الصخر دهرا
غزّت على ليفه جذرها
وراحت تمص صلابته
وتدفعها في شرايينها
ودماها
شجرة ولدت مرة
ثم ماعاد
يمشي بها الموت
ولا عاد يمشي بها
عنفوان الحياة
هكذا نحن
وهذي حضارتنا
منذ ان قرأنا
حتى اتمت لنا نعمة الشاهدين
من الآن حتى انبلاج الهوى
وانكسار الزمان
ندور على قصة واحدة
كيف صحونا ونمنا
ولسنا نفيق ولسنا ننام
وحده الحب من ينجز المعجزة
يعيد المدائن للقاطنين بها
ويعيد الأهالي إلى روحهم
قبل ان يخطف الغيب اسرارها
ويؤلف منها المذابح
والانتماء البغيض
......................
ما من موت
الموت حكاية متخيلة لتفسير الغياب
إنها الحياة
الحياة وحدها
الحياة التي توجدنا لتعي نفسها
وتغيبنا لتحتفظ بأسرارها
وفي الحالتين
نحن ذاكرة الحياة
و لسانها الناطق
الكائنات التي كانت معنا وغابت
لم تترك شيئا وراءها
لهذا انشأنا فناء
ورحنا نصنف فيه الموجودات النافلة
عندما نقف أمام أنفسنا
وننظر بتمعن
يتوقف الزمان
وتتوقف سيولة الاشياء في المكان
ترتبك الحياة
لأن السر الذي تريد الاحتفاظ به
يتحدى المعرفة
فينهاران معا
أو يقومان معا
في مكاشفة
تعرب عن نفسها في حضارة اكثر
إبداعا
للموت ملائكة كثيرة و نصوص أخرى بقلم أوس غريب / سوريا
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
16 يونيو
Rating:
ليست هناك تعليقات: