الغابة في الفأس أندريه بريتون - ترجمة: يوسف حنا

 الغابة في الفأس

أندريه بريتون - 1896-1966
.
ترجمة: يوسف حنا
.
مات شخص ما للتُّو ولكنني ما زلت على قيد الحياة ومع ذلك لم تعد لدي روح.  كل ما تبقى لي هو جسم شفاف داخله الحمائم الشفافة تقذف بنفسِها على خنجر شفاف تحمله يدٌ شفافة.  أرى الصراعَ بكل جماله، صراعًا حقيقيًا لا يمكن لأيّ شيءٍ أن يقيسَه، قبل ظهور النجمة الأخيرة مباشرةً. إن الجسمَ المستأجرَ الذي أعيش فيه كوخٌ يكره روحي التي كانت تطفو في البعيد. 
لقد حان الوقت لوضع حدٍّ لتلك الازدواجية الشهيرة التي كنت أتعرض لها كثيراً.
لقد ولَّت الأيام التي كانت فيها العيون بدون ضوء والحلقات تسحب الرواسب من برك اللون. لم يعد هناك أحمر أو أزرق. يبهُت ويتلاشى الإجماع باللون الأحمر والأزرق وبدلاً عنهما "أبوالحِنّاء"، الطائر ذو الصدر الأحمر، على وشيعِ (1) الغفلة.
مات شخص ما للتوّ ، ليس بالضبط أنت أو أنا أو هم، لكننا جميعًا، باستثنائي، أنا الذي نجا بوسائل متعددة: ما زلت باردًا على سبيل المثال. وهذا يكفي. 
مباراة! مباراة!  أو ماذا عن بعض الصخور حتى أتمكن من شطرِها، أو بعض الطيور حتى أتمكن من متابعتها، أو بعض الكورسيهات(2) حتى أتمكن من حزمها حول مخصورات النساء الميّتات، لذلك سيعُدْنَ إلى الحياة ليُحِبَّنني، بشعرهِنَّ المُنهك، وبنظراتِهن الشعثاء!  مباراة، لذلك لا يموت أحد بسبب الخوخ بنكهة البراندي، مباراة، حتى تكون قبعة القش الإيطالية أكثر من مجرد لعبة!
 مرحباً للعشب! مرحباً للمطر! أنا التنفس الوهمي لهذه الحديقة. التاج الأسود الذي يستريح على رأسي هو صرخة الغربان المهاجرة. لأنه حتى الآن، لم يكن هناك سوى أولئك الذين دُفنوا أحياء، وعدد قليل منهم، وأنا هنا أولُ رجل ميّت. لكن، ما زال لديّ جسم وهيئة،
لذلك عليَّ أن أكفَّ عن خداع نفسي، حتى أتمكن من إجبار الزواحف على الإعجاب بي.
الأيدي الدموية والعينان الدّبِقتان وفمُ الأوراق المجففة والزجاج (الأوراق المجففة تتحرك تحت الزجاج ؛ فهي ليست حمراء كما يظن المرء ، عندما تكشف اللامبالاة عن أساليبها الشريرة)، الأيدي لتجمَعك، وريقات الزعتر المُنمنمة لأحلامي، إكليل الجبل من شحوبي شديد. ليس لدي ظل بعد الآن. آه يا ظلي ، يا ظلي العزيز.
يجب أن أكتب رسالة طويلة إلى الظل الذي فقدت. أود أن أبدأها بـِ  يا ظلي العزيز، يا حبيبي. كما ترى. ليس هناك المزيد من الشمس. لم يتبقَّ سوى مدار واحد من اثنين. هناك رجل واحد فقط بقي من الألف. في غياب الفكر لم يتبقَّ سوى امرأةٍ واحدةٍ باللون الأسود الصافي ميِّزةً لهذا العصر الملعون. تلك المرأة تحمل باقة من الأبدية على شكل دمي.

1 الوشيع: سياج من شجيرات
2 كورسيت: مِشدّ نسويّ للخصر والرِّدفين


الغابة في الفأس أندريه بريتون - ترجمة: يوسف حنا Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 01 أبريل Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.