وحين تغيبين بقلم مصطفى الحناني المغرب
.. وحين تغيبين أحدق في أسقف الوقت المتسعة شقوقها أسمع صوتا في رأسي يشبه النعاس أرى أنهرا تجري من دون ماء أرى شوارعا تلهث و تركن إلى الظل أرى أشجارا تبحث عن الماء في جوفي أرى مدينة بكاملها تخرج حافية من خريطتي أرى الموسيقى تجلس القرفصاء قرب محطة للحافلات أرى الأشياء كلها ولا تراني هي ألملم أطرافي وأضعها في كيس بلاستيكي أزرق كربة بيت أرى الله واقفا أمامي يخطب في عباده أسأله عنك فيتحاشاني أتحاشاه وأخرج بدوري منه أتحاشى صورتي المكررة في المرآة الحزينة يتحاشاني باب البيت فيشيح بوجهه عني أرى خطواتي تركض للوراء والزقاق يضيق كحبل منشقة أرى الهشاشة تطل من قلبي علي وجمرة مشتعلة في رأسي تقول : " لو كان للبركان ذراعان ما ترك الحمم تنفلت من بين يده حمراء حمراء ..." الدم أحمر القتل أحمر القهر أحمر الثورة حمراء في الكتب وجهك أحمر في الضحى الفكر أحمر في الليل الغياب أحمر في كل وقت وعيناك حمراوتان كالإحتراق على مهل وكل هذا الحضور الباهت يابس كملامح التعب في وجوه النازحين النازحون وجوههم صفراء صفراء التعب أصفر في غياب الوجهة اليأس أصفر حين تضيق الزوايا الأسى أصفر حين ينتشر كمرض عضال الأيديولوجيا صفراء حين تتجانس مع النقيض الخطأ أصفر من كثرة الإعادة الصمت أصفر حين لا يشبع من الحياد الحلم أصفر الريق على جلد الوسادة كل الأشياء صفراء صفراء .. إلا فراشاتك بكل الألوان ترفرف في فمي وعلى صدري تحرث حقلا أبيضا من الياسمين وتغير كل النظريات في علم الزراعة ...
وحين تغيبين بقلم مصطفى الحناني المغرب
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
29 يوليو
Rating:
ليست هناك تعليقات: