أحتاج أن أناديك ....بقلم نسرين المسعودي / تونس




أحتاج أن أناديك كالخمرة الباردة
لبعض الجنون ،أو بعض السكون المليىء
أعلم أنّك لا تحبّ الصباحات مثلي، لا تحبّ الضوء وصوت الماء
الخطوات السريعة و الابتسامات الصفراء و ضجيج السيارات
تكره الجوع و الصبر و الحرمان
لا تجيد التدبير و لا تحسن المضيّ بجسد صامت و قلب مكتظّ
تلتهم كل ما حولك بشراهة ، بلهفة، برغبة ضريرة
تكسرّ الصحون و الأكواب والملامح حين تنهض
تغمس أصابعك في أطباق النساء، تنثر العطر العالق من جلدك كالعرق
تشبع حدّ الملل و التقيء ...تلطخّ ثوبك كطفل ملقى على الارض تنظّف نزفك بلفة حشيش و كأس و ثلج و ضحك
تبتسم كذئب ماكر كلما راودتك رائحة الدم الطازج و اللحم النيئ
تترك الباب مفتوحا خلفك و تنسى عقارب الساعة في معصمي
أرتقّ الوقت في رعشة طويلة .
أحتاج أن أناديك لأجمع البلور و حبات الدمع و الصدى الخفيف
أكتب قصيدا يعضّ شفتيّْ، يركض في طبق عجين و درجة حرارة ضئيلة في الفرن ،
أنتظر رسالة عقيمة و شارة خضراء مقيتة
أحتاج أن أكتب بمخالب تنهش صوتي
فتستيقظ مذعورا من صراخي
قصيدا بكلّ ما كان، بكلّ ما سيحدث ....بكلّ ما في الجدران من رصاص مصوّب
و ثقوب تنزف بالاتربة و الوجع
أضع ساقا، فوق ساق، و ألفّ الخراب في شريط أسود، أشدّ ظهر الأريكة العرجاء
أجلس قبالة وجهك ، أثرثر... دون نقصان دون هطول
أشتمك , دون حياء ، حتى أفقد لوني و أقراطي و جواربي ...
أستلقي متعبة كحجر قديم ميّت .....يفرحني خوفك كالريح يعصف بي .
أحتاج أن أحدّثك عن أركان الأماكن البعيدة ، عن السماوات و الألوان و الإطارات المعلّقة عن الله و الكون و الحوريات و الروح و الجسد و الافلام القديمة
عن الخشب و الصدأ و آخر نغم سمعناه عن بيت مأجور دون نافذة
عن النادل الحزين و عاشقين في ركن مقهى مهجور
عن فانوس الحيّ المعطبّ و جارنا الوزير وابنته الغبيّة
أخبار النسوة في صالون الحلاقة
قصص الجنس الوهمية و النكت السافلة
نضحك سويا و يسقط شعري على وجهي و تشع عيناي
أو عن تاجر الأقمشة و أصابعه الطويلة
تجاعيده الناشفة و الغرفة السريّة

 عن ايّ خسران لا يشبهك و لا يسقطني
عن أي حزن دون أن أذكرك
 دون أن أهذي
أو أسيح .....أو أنهمر
كالموت الأبيض
أنام فوق صدرك
أحتاج أن أناديك ....بقلم نسرين المسعودي / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 13 يناير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.