أربعة نصوص للشاعر الموريتاني سيدي خليفة



لا يمكنك أن
تُعاتب نفسكَ التي فقدتهـا
و لا أن تُشعر بعزلتك التي جرحتك
كما لا يمكنك أن توقف الصمت
عن منتجع قلبِك الذي يحتاجُ
حياةََ أبدية الكمال!

لا يمكنك أن تواسي
من فقد شهية الكلام بينما
تَظل شاردَا في متاهة احلامكَ
التي نسيتها العصافير فَـ بقيت كأمنية الدجاج
ان يُصبـحَ مُغـردا كالهواء المُحلقْ في السماء

بَعضُ المُعاناة قاسية جدا
لا تَسْمحُ لك أن تمحيها من ذاكرتكَ
تماما كَـ جلوسك بجانب الشرفة
تَعـدُ خيباتـكَ المتاركمة التي حصدتها
جراء الـوحدة و مُغامراتك العمياء
بينما كفُ واحد من الحسرات يجعلك تسقط

بعض المرات تظل واقفا
بيدك ورقة ورقة و كلمة رقيقة جدا
كَ أحبك الدافئة المحشوة برصاصتين
واحدة لقلبك و الثانية لـ جسدك الرخو
لِـمَ تُراهن على صلابتك المهترئة؟

أليس الألـم وحده شيطان!
كما ان الغرق في الصمت
كفيل بحركة الشمس ، و تنصيبُك كَإلـه بينمـا
ما تزال كَـ عادتكَ مُسلتقى على سريرك المُترف
---------------------------------------------------------

يُقال أنني
أول مرة أبكي فيهـا!
كانت عندما تَضرعت أمـي
بِـ كامل دموعِهـا لـ تَحْميني
مِـن غَـدْر السّـنين حينهـا
اصْبحتُ أشْبهها في طريقة بُكائِهَـا الحـادة
كُلَمـا غَابَ عني ظِـلُ حبيبتـي الحـزيـن

كَمـا أنني
أول مرة صُدِمْـتُ فيهَـا!
كانت عندما رأيتُ أبـي
تَتقوس تَجاعِيده على
رائِحـة أمـي عِندما
صَـار عُمْره الثالثة و التّسْـعِيْـن

كمَـا شُهِـدْتُ
أول مرة اسبحُ فيها!
عندما طرقت باب الخلاص
فَرأيتُ حبيبتـي تَضْحكُ
فوق أمواج البَـحْر النَائِمـة
لِـ تَغْسِـل قُبْلتنا الأخيرة بماءِ عَطِرْ

يُقال أيضَـا أنني
العاشق الوحيد العالق
في ذاكرة طَيْفُــکِ الكفيف

يُقال أيضَـا
أنني مبدع/فنان و عظيم!
لكنني لست كـذلك
ربما أنا الوحيد السعيد
من بين كُل أشياءُك الخفيفة
التي تَدُسينها تحت شامتُكِ الداخلية

يُقال أنني كاتب!
رغم أن الكتابة تظل ثَكْـلى
بينما قُبلة واحدة منكِ
تُسْقِطُ مني نَصيـن لعينيكِ العسلية
كُلَمـا جائتني الرياح بِـرائحة منـكِ

__________--------------------------

كانت تُخبئُ اولادها
في حَجْرِ عَيْنيهَـا الناعِستين
تَسيرُ وحيدة كُلّ يـوم إلى جيرانِها
تمْتطـي الحُـزْن لـِ تَكْسب قُوتِهـا  اليومي
تلفُ صراخ أطفالهـا بين يـديهـا كدعواتها لِـئَلا
يَسْمعهم اولاد الحـي، حين يتسلل الصباح
إلى نوافذ أحلامهم أحلامهم التي نَسِيْت
نفسها و يتربص الهواء بأغلى نسيم تَمْلُكـه
عندما تجوب الشوارع تَترُك رائِحةَ مُترفة
كُل من يستنشِقُهـا يقول هذه لِـ  أَللَا
ثـم يصيح آخر نفس ألـ اللا
كلهم كانوا صادقين رائحة
لإمْرأة لديها ثلاثة ابناء ...  

يَسرقُ الصباحُ ضِحكتهـا حين يشعُـرُ أنهـا أُنثى
و أنهـا لَمْلمت لَيْلـهُ دون أن يأخذ قسطا من أبنائها
مرةَ الولد الصغير رسمّ شجرة بلا جذور شفافةَ الجذْعِ
أخذ في تلميعِهـا الى أن تساقط الدم من خدّيْهـا
لـم تَمُت لكن ذبلت بذورهـا  ...بكى كثيرا عليها
الآخر حفر لها حفرة و غرس بجانبها سكينا كي تحرسها
لكنه كتب عند المدخل لسنا الوحيدين لكننا عرق الله الساقط و هي ليست حواء لكن الطُغاة أغلقوا أمامها  الطريق
اما الآخر كان مُعاقا رسم قدمين قويتين لـ إمرأة تستضيفهـا الشيخوخة بعد ان كانت قدماها أجرتها اليومية
ثـم يدس تحتهما " ليست حواء...لتحمل على ظهرها خطيئة العالم"
------------------------------------------------------------------------------

١
غير آبه بما سيكون
قَلْبي ليس حزيـنا
ولا سعيـدا بما يكفي
لِـ يشعرني باللحظة
   المتدحرجة إلى الجحيـمَ

٢
غير آبه بما سيكون
أنا فقط أُحِـكٌّ للزمن جلده
الرخو المُحمل بالحسرات
بسكاكين القابلات

٣
اجمل ما في الشعر
ان تظل القصيدة
مُدججة بالدهشة المرسومة بالنزيف

٤
لم تكن مُعلقا لتسقط
و لا  قائما لـ تنكسر
انت أشبه بغيمة صُنعت
و تركت على حافة الهاوية

٥
تأتي النهايات
من كل الجهـات
ليست من اتجاه واحد
تماما  كالبداية المختبئة في النهاية

٦
فيّ القَـبْر
و حـدهـا الجدران
تَسْمعُ مُعاناةِ الذات
المنحسرة في الزوايا الضيقة

٧
وحدهُ الرسام
من يرتب الأشياء
كما يَصدمهَا بالموت
لِـ تبقى أزلية في الذاكرة

٨
مُتفرجا على العالم
رأيت صلابتـه المتباهية تتساقط
بِتثاءب في الهواء كأمواج البحر الناعسة

٩
في العالـمِ
يسيرُ التاريخ أعرج و مُثقل بالطعنات
و الخديعة تُصبح حقيقة للقتـل
فَـ يغدوُ الإنسان يُمزق نفسه
لِـ يرسم طريقا تائهَـا يسلكه

١٠
كما يحق لليل أن يسير دون بوصلة
يمكن للشاعر ان يصير نبيا بلا قصيدة
كما يمكن للمغني ان يرقص دون قدمين
يمكن للعاشق أن يقرع على الالـه جدار الصمت
-------------------------------------------------------------
أربعة نصوص للشاعر الموريتاني سيدي خليفة Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 26 مايو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.