خمرة البلاد بقلم مصطفى الحناني المغرب


على جدار لهفة الشوق 
تحكي لي عنك غيوم سماء صغيرة
تبكي ظلال شمس 
جدران غرفتي الباردة الفرح
تمضي ً
الدقائق
الساعات
الأيام
وترسم في ليلة واحدة 
ما ابيضّ في رأسي من زغيبات 
على هيأة برج عالق بالقطب المتجمد 
وتكتب بالبنط العريض تحذيرا تحت دماغي
كشهقة الموت الأخيرة
حين 
يُستقْطع الدم عاجزا في الشرايين والأوردة 
شيء ما 
يتراقص من شدة الألم بركح رأسي المستطيل الأضلاع
كملعب معزول على حافة الرصاص الغادر
و في غرة الظهيرة
وشم عينيك
بريق غمزة
ولهدبيك 
هبوب الريح وبقاي الأغنيات
وجسمك تاريخ حلم من الياسمين
وقت فرّقنا زمن الحروب
صرنا 
حمامتين على ظهر رصاصة 
وغصن الزيتون 
يخترق جدارا عصي المرور
وبين المروج 
كان شعب الحمام يغزل من البكاء حجرا صقيل التعب ...
والأولاد 
يحفرون بأظافرهم في عتمة الليالي 
إطار نافذة
ليعود الهواء خصيبا محملا بالأمنيات
وينبض قلب الإسمنت 
وتنمو حبة القرنفل في صدري المسكون بكِ
مُذ 
طوت أمّي عيونها في القماط
وهويت أنا على فولاذ جسر لامرئي
بين ، 
غروب الشمس ، وهروب مياه النهر من عيوني إلى واديك 
والعصافير بريش قليل تدفع غيم النزوح
عن زجاج بلاد تهشمت شبابيكها
وأصيب صدرها بالإختناق
شبابيك زرقاء .. زرقاء كماء واديك 
والأرض 
برتقالة تهتز بين أصابعي و دم نهدك النافر شمال مواعيدنا الخضراء .. خضراء كرمانة ناضجة مهملة 
حين رأيتك 
تقولين وسط جمع من رؤوس الأفكار الغامضة :
أنا لا أريد من هذه البلاد دويا ولا رجلا قويا
أريد ،
منك جيشا عرمرما من المقاومين ، 
وضمة من أصابعك النازفة 
لأحمل معي منديل أمّي المرصع البياض
وأمسح عن وجهك تعب كرّي ، وفرّي
كي ، لا 
يسقطا ، كجلمود صخر في غياهب الغياب
قلبي .. وقلبك ...
أيها الماء .. لا ترحل عن مجراك 
قبل أن تعيد إليّ واديها ، 
وقل لها قبل أن تأتيني بها ، 
قل لها :
إنه هناك ينتظر رشفة
من عنب عشق عينيك
هناكَ ..
يشكل من عروش الدوالي 
اسمكِ ..
لكي ، 
يناديك يا خمرة البلاد
مري بكل الغنج أمامي ..
ولا 
تفزعي من أزيز الرصاص ، ولا وُحُول الكلام
جيئيه بكل نزق العناد فيك
تارة باسمة
وتارة غاضبة
وتمنعي يا سيدة الخلق كلّه
فالرفض 
نخوة عصيان الأرض الصاخب 
في دمك
ليدخلك حقيبة جنون صدره
كما
تدخل 
الريح بكامل رمالها نوافذ الجنوب
وتحلم 
وصيفات النخيلات بزمن عذب الولادة 
فآه من وجع الحنجرة ...!
يا زمنها المكبِّل ، 
لكل فُرْشات زيوت الرسم العتيق
أعد ،
لي ألق ترتيب موج كل أشيائها :
هنا 
عيناها ذرفت 
دمعة
و هنا
زندها على يديّ يكتب نص لذة باذخة
وهناك 
شعرها يطوّع الريح ، ويرسم على وجهي
ملامح رقصة البلل الخالدة ....
وهنا ،
أصابعي ترسم بحليب نهديها
عروش الياسمين ..
فيا قلبها ...!!
إذ ..
يتبع شغوفا ،
نبض أصابعي بمباهج سرّتها ...!!
كن ، 
مبتدأ لهفتي .. 
أكون لرعشة تدفقها .. بلَلَ الخبر ....
خمرة البلاد بقلم مصطفى الحناني المغرب Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 18 فبراير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.