ثورة العصافير بقلم ريم سندي تونس


مرَّ يومان، البيضتان لم تفقسَا، ترابضُ جنبهما بلا حراك رغم أن فترة حضنها إنقضت و ما عاد أمل في أن تَدبَّ منهما أنفاس...
يثور في وجهها فإما أن نبني عشًّا بغير أرض، أو أن نتخلَّص من البيضتين، ألا تختنقينَ من أثر العفن، يَهمُّ بالإقتراب فتحول دونه و دون بلوغ مأربه...
تقول و العبرات تخنقها، إذا ما عدتَ تستطيع معي صبرًا، إرحلْ و جدِّدْ حياتك أنَّى شئت...
شاع النبأ في الأرجاء، و أصبح عشّها قِبلة لأسراب الطيور تهوِّنُ مُصابها...
و قلوب الطير ليست في حلِّ من البغضاء، تهمس إحداهن لصديقتها كل جزاء من جنس العمل و ذا جزاءه بعد أن تخلَّى عن كل فاتنات جيله و إنتقى مهاجرةً لا يُعرف أصلها أو من أيِّ دربٍ أتتْ...
و غير هذا الحديث لكنته التشفِّي، تداولته كثيرات.....

و أعادت أخريات أمرها إلى طراوة سنِّها و قلة خبرتها بجوانب المسألة، ربما تهاونتْ في نظافة مخدعها حتى تمكنت الباكتيريا من قشرة البيض و تسللت إلى الأجِّنَّة فأردَتْها جثثًا...
أو أنها إرتبكت في ضبط حرارة فلذاتها و سمحت بنفاذ التيارات الهوائية الباردة لينتهي حلمها طُعمًا للرطوبة ....
تعددت الآراء و إختلفت التأويلات إلى أن نطقت البومة و ليس بعد قولها من حديث، كيف لا و هي المتمرِّسة بأمور الدنيا حتَّى ذهب الشيب بجلِّ ريشها....
تقول تغيرت الدنيا عن سحنتها الأولى ، ٱنظروا الحبوب مصدرَ غذائنا أ كانت بهذا الطعم، قديما حبة واحدة كفيلة بأن تقينا جوع أيام أمَّا سنبلة اليوم فلا تسُدُّ رمق سويعات ...
و هذه الأرض ألم تزخر فيما مضى بما لذ و طاب من الغذاء ها هي اليوم مرتع طفيليات و أعشاب هجينة متوحشة...
و هذه الحرارة ما سجلنا كمثل إرتفاعها من قبل...
أتدرون عشيرتي سبب إعتلالنا، نحن ضحية المدعوِّ إنسان

دون الذِّين هاجروا، تسكنُ سماء القرية حواليْ ألفيْ عصفور على الأقل..
ذات يوم، إجتمع نصفهم تحت شجرة بلّوط عظيمة و قرروا إعلان الثورة...
و كان هذا النصّ بيانها الرسمي الذّي ذيلوه ب:

لا زقزقة، لا تحليق، لا تفريخ...حتَّى يسقط الإنسان...
صحراء صحراء و الإنسان لا....
ثورة العصافير بقلم ريم سندي تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 13 يونيو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.