مذْ رحلتْ أختي بثرثرتنا بقلم نسرين المسعودي تونس



مزّقت الرهبة
قصصتُ جدائلي
أضعتُ شرائطي الملوّنة
نسيتُ طريق العودة الى الطفولة
كان لابدّ لطفلتي أن تهجر
أعشاش النار بأغصاني
أن تفرّ من الحريق
مذْ قبلة العشق الأولى
دمعتي الأولى
وحدتي الأولى
مذْ رحلتْ أختي بثرثرتنا
بضحكاتنا
لبستْ فستانها الأبيض
سرقها الحبّ
نسيتْ
أن تعلّمني النوم دونها
شربتُ ليلتها
سوءة الغياب
سوءة الوحدة
و احتضنْتُني
صرت اختا لي
صديقة لي
فتحتُ بسقف الغرفة
ثقبا يتسلل منه الضوء
لتخرج منه الأشباح القديمة
جمعتّ أنواع الأحجار
و الأصداف
اصطنعت لنفسي دمى السعادة
أحببت الألوان
أحببت الجبال
أحببت الفصول
و صارت الذاكرة لوحات زيتية
اعتدتٌ الرسائل دونها
اعتدتُ التمسّك بيدي
تعثّر صمتي بالكلمات
عشقتُ مسكنات الفراغ
موسيقى الصخب
حطب الذاكرة
أحببت ُ تفاصيلي الممزوجة
بالحزن و الفرح
أدمنتّ الانتظارات الواهية
و كبرت اللهفة بي
أطرقُ أبواب الحياة
أقطفُ المفاجآت
لا يتعبني الرجوع
أوقد الوحدة بالشموع
أذيبها بالسنين
أغفو بحضن الوقت المبلل
الرطب
بشتاءه الطويل
بمساءه الشجيّ الحزين
أذرف المطر
ببكائه الطويل
ببكائه الصامت
المثرثر
ببكائه المعلن الخفي
المتقطّع المتكدر
مذ أشعلتُ سيجارتي الأولى
سكبت كأسي الأول
صافحت ُ الثمالة
تقيأت الأشواق
أغرقت رحيق صدري بأنفاسي السوداء
بالشهيق الملوّث
بالزفير المميت
فككت رموز أبي
و خوف أمي
امتزج صوتهما بصوتي
و إصرارهما
بإصراري
و كبرتُ

و هرمت الخطوات
شاخت طرقتها
حلق الجريح بأنامله
تعلم الغوص
رسم الملامح
والأقنعة
تعب من الصراخ
ألجمتُ فمي بخيط سميك
اعتنقتُ الصمت
تعبدتُ الجنون
سافرتُ دون عقلي
ألتهم النوم كأفضل الأطباق
أنام لحين تشتاقني الصباحات
و تنفذ الاحلام
و تلين الكوابيس
أدرّب الالم
كقطة شرسة
أمزج العنب بالثلج بالموسيقى
أوثق الحلم بالحقيقة
امارس الحب بلعنة البكاء
أقتلع أورامي
جثثا من شرياني أنزفها
أحرقهم برماد النسيان
بالضحك
أرتب قبحي بصناديق أخفيها
أقبّل الصبار
أرقص على نخب وجعي
تعلمت فنون القتال
قتلت مدن الذكريات بمهارة
أتلفتُ الحنين
مزقتُ رهبتي حدّ الأنين
هزمتُ التعلقّ
مذْ رحلتْ أختي بثرثرتنا بقلم نسرين المسعودي تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 23 يونيو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.