مناجاة الشجرة بقلم مصطفى الحناني المغرب

أيتها الشجرة ...!
ماذا لو هاجرت كل الطيور وتركت بين يديك فراخها ...؟
هل ستكونين خير من يؤتمن على من في الأعشاش ...؟

أيها القمر ...!
ما الذي قاله الثعلب وهو يراوض الغراب عن طعامه ...؟
تقول بومة شاهدت كل تفاصيل الحوار :
" لافونتين كان كاذبا
الثعلب كان ليلتها مخمورا يراقب عيني مها شاردة .. "

أيها البحر ...!
أي مركب ستدفعه أمواجك
ليستوي لحن النوارس دافعا مواكب الغيم في سماء الوطن...؟

أيها الوطن ...!!
لماذا سلمت بحرنا للغرباء ...؟
تصرخ سمكة انفلتت للتو من شباك صياد
تاركة الكثير من الزعانف في كفيه ...

أيتها الملائكة الإناث ...!
متى تتظاهرن في الشارع العام
وتعلين الصوت ضد الحيف واللامساواة ...؟
تقول سيدة تساقط شعر رأسها
ونما في وجهها شارب الرجال ...

يا الله ...!
لماذا عليك امتحاننا هنا
وأنت تعرف إن كل التقارير المرفوعة إليك مزيفة ... ؟
هكذا قالت امرأة
عادت للتو من مراسيم دفن ثلاثة من أولادها الشهداء في الجليل ...

يا الله ...!
هبه هنا جنتي ..
وخذ عنه ما يجري فيها من أنهار
خذ
كل الجنان
كل حورك العين
وكل وصيفاتك ..
فحبيبته تكره جدا أيشاركها في عشقه أحد
هكذا قالت لي فراشة قرمزية
تسكن مؤخرة قميص نومها الأصفر ...

و لها قالت قصيدة مبللة بنزق حبر الشغف في عينيها العسليتين :
قلب ذا الشاعر البعيد
رسمته الآن خصلة من شعرك الكستنائي
على صفحة مد وجزر ماء سريرك البحري
السرير رنة راقصة في قيد زنزانة مجهولة المصير
والماء عشق محظور من السفر
محاصر بالرصاص والحراس
والواقفان هنا على زبد الموج
أنت وهو ..
وخمس فراشات بالبلل تزهو على جناح نورسة
حجب عنها الضباب صافرات المراكب الآتية ...