ثلاثة و ثلاثون يوما دون حاسوب!.....هيثم الأمين / تونس
// نصوص أفرزتها و أنا عالق في فم الفراغ: نص 1 من 14//
ثلاثة و ثلاثون يوما دون حاسوب!
-----
أستيقظ صباحا
أرتدي، كدرع، تسع عشرة قطرة دواء سأدسها في عين أبي اليسرى على مدى إثنتيْ عشرة ساعة
أتسلّح بكلّ المواعين التي سأقوم بجليها
كل هذا من أجل أن أصرخ في وجه الفراغ المتوحش:
أنا لست لقمة سائغة للبلع...
فيبتسم الفراغ ساخرا مني و يلتقمني دفعة واحدة!!!
حين أجدني داخل فمه
أفرز الكثير من مشاريع النصوص
و الكثير جدا من أحلام اليقظة
و انتظر أن يزعجه مذاقي فيبصقني
و لكنه لا يفعل
بل يحرك بي لسانه الكثير الضجر
و يبدأ في إفراز لعاب غنيّ بمادة الأسئلة
يلوكني كثيرا
ثم
يبتلعني
و أنا
أنشب أظافري في زوره حتى لا أسقط في جوفه
و مباشرة أنادي الحاسوب المنتظر ليخلصني
أتناول هاتفي الذي يبدو معطلا
و أتصل بصاحب محل صيانة الحواسيب الذي، في الغالب، لا يجيبني
و أحيانا، يرد
فيقول لي:
ليس بعد
لم يخرج الحاسوب المنتظر من سردابه
صبرا جميلا
لا تخف
قريبا جدا سيكون خلاصك!
يشتمني الفراغ ببذاءة لأني علقت في زوره فيشرب عليّ الكثير من عصير الحزن المثلج
و عصير الحزن المثلج يفقدني أعصابي فأفقد الكثير من اصابعي و أنزلق إلى جوف الفراغ
في جوف الفراغ
و بمجرد وصولي
تبدأ ملايين من خلايا الوقت البطيء بإفراز حامض الصمت المركز
فأبدأ بتحفيز خلايا الثرثرة لتنموا على أصابعي ثم أحاول تسلق جدار جوف الفراغ
و لكني لا أنجح
فجوف الفراغ زلق جدا
و عصارة الهذيان التي تبدأ بتهرئتي، دوما، تبدأ بأصابعي!
ذات مقاومة، صنعت خمسا و أربعين كرية من كريات البسكوت مع اللوز المغموسة في الشكولاتة السائلة
كنت أرميها في وجه الفراغ و أضحك!
أنا أحب جدا هذه الكريات
إنها تشبهني!
فهي ليست أنيقة
و لكنها لذيذة
مثلي!
ماذا؟!
ألا أبدوا لكم لذيذا لتبتسموا بكل هذا الخبث؟!
آخر مرة صنعت فيها هذه الكريات كان من عشر سنين بالضبط.
خمس و أربعون كرية لم أنل منها سوى عشرين حبة أو يزيد و البقية تم سبيها في غزو عائلي على مخزن أسلحتي!
على رأس الساعة أتممت صناعة سلاحي الجديد
ساعة واحدة لا غير من المقاومة
بعدها قهقه الفراغ ساخرا مني و من سلاحي و التقمني ككل مرة
بعد جوف الفراغ
أمر مستسلما إلى داخل أمعائه الدقيقة
هناك
أستلقي عاريا تماما و أحدق ببلاهة في السقف
أو أستلقي عاريا تماما و أدخن
أو أستلقي عاريا تماما و أعبث بجسدي
أو أستلقي عاريا تماما، أحدق ببلاهة في السقف و أدخن
أو أستلقي عاريا تماما، أحدق ببلاهة في السقف، أدخن و أعبث بجسدي
بينما أنزيمات الوسواس القهر، الغضب، اليأس، الحظ السيئ، أشباح الموتى، آخر كلمات الراحلين و الكآبة تفتتني بالكامل
حين يحل المساء
أكون أخيرا داخل مصرانه الغليظ
حينها أكون متعبا جدا من كل شيء و مني
يمتص المصران ما بقي من بقاياي
و عند منتصف الليل
يتغوطني الفراغ على سرير يعج بالوحدة و بالبرد
على السرير
و على مضض
يستقبلني ببرود نوم آبق
لا يقول لي و لا كلمة
فقط،
هو يفتح بوابة الكوابيس
و يدفعني إلى الجحيم.
ثلاثة و ثلاثون يوما دون حاسوب!.....هيثم الأمين / تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
13 نوفمبر
Rating:
ليست هناك تعليقات: