لا فرق بين امرأة و أخرى ....بقلم هيثم الأمين / تونس
لا فرق بين امرأة و أخرى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يُصيبُني تعبٌ
فأراكِ
تجلسين، عند رأسي، كشاهدة قبرْ،
تقرئين، على روحي، ما تيسّر من حضورك القديمْ،
تُمازحين قَدَمَيْ ثرثرتي بأصابع صمتك
ثمّ
تتركين، على صدري، باقة من وجهك و من تفاصيلك الأخرى
و تغادرينْ.
تُصيبُني الوحدةُ
فأتكوّر، كقنفد، على قلبي
و أراكِ
تُطعمين ملابسك لآلة الغسيلْ
و بينما هي، في ركنها، تلوك وجبتها الدّسمة
تُباشرين، أنتِ، أعمالك اليوميّة
و أنت تدندنين؛
تفتحين النوافذ
فيدخل الضّوء إلى عتمتي،
تكنّسين الغرف
فتتساقط، عن صدري، كلّ ما حاكته، من شراك، عناكب الحزن،
ترتّبين الأسرّة و الأرائك
فتهدأ العاصفة الرّاقصة بين أصابعي
و تولد، دون وجع يُذكر، قصيدتي،
و تطبخينِ
فينضج حبّي لك.
يا عصفورتي الخضراء،
لا فرق بين امرأة و أخرى
إلّا بما تُحدثه من جلبة حين تغادر القطارات،
إلّا بما تُحدثه من صخب، في الذّاكرة،
حين يصير اللّقاء ضربا من الجنون
و تصير الصّور كلّ اللّقاء،
إلّا بحجم ما تدسّه، في حقيبة عمرها، من الرّجل حين تُغادر،
و إلّا بشساعة حقول الحبّ التي تزهر على صدر الرّجل حين تقرّر البقاءْ.
حين يصيبني التّعب و الوحدة
و يُجري الحزن،
لأصابعي العالقة في العاصفة،
ألف عمليّة قيصريّة من أجل أن تولد شظيّة من قصيدة
أُدركُ، تماما، أنّ طِفلَتَيْ صدرك،
و هما تلعبان في مدينة الملاهي على صدري،
كان ضحكهما
كلّ الأضواءْ
و الكهرباء التي تشغّل كلّ الألعابْ
و أُدركُ، تماما،
أنّ رفوف الخزانة اللّامزدحمة بثيابك و مناشفك
محرقة كبرى لكلّ أطفال الفرح و لقصائدي.
مُتعبٌ، جدّا، أنا
كحصان خشبيّ، تحاصرهُ النّار في الزّاوية، و يمتطيه طفل نائم.
متعبٌ، جدّا، أنا
كهذا الوطن الذي يحتسي الكثير منّا
ليسكرَ و ينسى هزائمهُ
ثمّ يتبوّلنا في البحر و يضحكْ.
و وحيدٌ، جدّا، أنا
كجمجمةٍ
تحدّق في الوقت و تنتظر القيامة.
لا فرق بين امرأة و أخرى ....بقلم هيثم الأمين / تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
14 فبراير
Rating:
ليست هناك تعليقات: