عاشق الظّل ...هيثم الأمين/ تونس

 عاشق الظّل

ــــــــــــــــــ

أعلم أنّك زهرة ضوء تفتّحت على زند الماء

وأنّ الأسماء ما خُلِقَتْ لكِ

إلّا من باب المجاز وتسمية الكلّ بالجزء

فاللّغات تصير ركيكة جدّا حين تحاول أن تصفك باسم يليق بكِ..

أعلم أنّكِ لغة تكلّمَتْ بها اللّغة قبل التّكوين

وأنّ وجهك، 

في عيوني، 

مجرّد ترجمة ساذجة لرجل لا يجيد القراءة

فَيَنْطِقُكِ بلكنة الصّمت...

مازلتُ مقتنعا تماما أنّ كلّ النّساء موج عات و دوّامات

ووحدكِ أنتِ ميناء للوصول

وأنّ كلّ النّساء حانات و أرصفة

ووحدكِ أنتِ

معبد للآلهة وترانيم مقدّسة و بخور.

لا تظنّي أنّي لا أعرفُكِ

وأنّي لا أعرفُ أنّكِ تخبّئين نجمتين تحت حمّالة الصّدرِ

وأنّ قرطبة يوم هربت من محاكم التّفتيشِ

لجأت إلى سرّتكِ 

ومازالت تعيد أمجادها هناكْ

أمّا أثينا 

فبكامل مجدها و فلسفتها

مازالت تُقيم على ضفاف شامة كتفك. 

اعذريني إن أنا فضحت أسرارك لعيونهم

رغم أنّي لم أقل شيئا

عن آلهة الأولمبياد وهي تعقد اجتماعاتها حول خصرك

وتَأْتَمِرُ بأوامر رنّة خلخالك و أنتِ ترقصين 

عارية 

أمام المرآة!

لو يروق لك أن أناديك باسمك

من باب ضرورة الأسماء وعجز اللّغة

فإنّي سأطالبك بأن تنسيْ كلّ ما ذكرته أعلاه

حتّى أُعْلمَكِ أنّي أحبّكِ في "المرأة العاديّة" أكثر؛

أحبّك وأنتِ تمشّطين شعرك

وتتذمّرين من رائحة زيت القرنفل فيه..

أحبّك وأنت تخونين شَفَتَيَّ مع قلم الحمرة

وتظنّين أنّك ستصيرين أجمل..

أحبّك 

رغم كيد عشتار التي تدسّ الرّائحة في حذائك الرّياضيّ

غيرة منكِ

ورغم عادتك الشّهريّة

التي تغيّر مزاجك فتجعلك تصرخين 

في وجه قطّتك البيضاء التي تحبّينها

وفي وجهي! 

أحبّكِ في "المرأة العاديّة" أكثر

فأنا لستُ إلها لأتّسِعَ لكِ كاملة

ولا أنا لغة لأَتَكَلَّمَ بياضك من الحاء إلى الباء؛

أنا.. لستُ إلّا رجلا عاديّا جدّا

يعلم أنّكِ لستِ امرأة عاديّة على الإطلاق

فعشق ظلّكِ الذي يشبه النّساء العاديّات.



عاشق الظّل ...هيثم الأمين/ تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 14 سبتمبر Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.