عبث اللّولوات بقلم مصطفى الحناني المغرب


كيف التأمت هذه اللام بواوها
لتصبح احتمالا
كلما ترقبت مجيئها
لم تأت
فيفرغ دماغي
كل نواياه في كيس خيشها
وهو يردد كل لحظة وحين :
ماذا لو
لم ترغب هي في المجيء إليك ...؟
وماذا لو
إنها سئمت تأخراتك السابقة عن المواعيد ...؟
ورأت إنها فرصة سانحة
لسقيك من نفس كأس حيرة وجع الإنتظار
وماذا لو
إن كل احتمالات نواياك المبيتة
لا دليل لها
ومن قال لك إنها ولطارئ ما
نسيت موعدها معك
مثلا :
عودة أخيها الشهيد من الموت
ليلقي عليها نظرته الأخيرة
ويودع في كفها الأبيض
ابتسامته الطفولية
فأنت تعرف تعلقها به
لذلك سيكون النسيان
تحصيل حاصل
فلا تجبرها على التذكر طويلا
وماذا لو كانت في الطريق إليك
فتعثرت خطاها
بحجر هديتك لها
في عيد ميلادها الفائت
ورجعت إلى البيت مسرعة
لتعانق عطرك في القصيدة
وتجهش في بكاء صاخب لا حد له
تذكر جيدا ما اعتصرت لها من عنب كرمتك
ألم تكن متهورا بأن أضفت لها فيه ملح عينيك ؟
ثم ما ذنب عناقيد أسكوبرنوج لتحبس أنفاسها في قنينة ؟
كم مرة عليك أن تجند حواسك باحثا عنها في بريق كأس
وأنت تطهو أعضاءك على موقد الظنون
حتى تحترق كل الممرات بين ضلوعك
وتقعد على خشب الحسرة منقوصا حاستين
تحملق في صورة بروفايلها على الفيس بوق
وتضع راحة كفك على خد الواقع متلمسا كثافة الغبار
وهي هناك
نعم هناك كأنها الظل يجيئك حتى في الظلام
في صحنك
في حوض المغسلة
في طلاء الأبواب
في غلاف كتاب
في مرقص السرير الخشبي
في ملاءة النوم
فلماذا تهرب من مراياك متذرعا بضيق الوقت؟
وأنت هنا
نعم أنت هنا كأنك تمدد ظلها حول حقول الياسمين
وهي تحتسيك كل صباح كأس عرق
قبل أن تخرج لدوامها تتأكد من إنها بلعت وجهك مسكنا ضد تعب الصباح دفعة خاطفة
وبعد الزوال
وقبل أن تزيل عرق يومها
تبحث عن خطاك
كما يبحث الذئب عن رائحة شاة تائهة
تتكئ على كتفك فيها وتسألك :
كم من نبع سأحفره في صخرك لأغتسل بمائك ؟
أنا الغارقة في نهر من أمنيات الدلال
أفقد صبري وأذرع صدري بوسادتك
كي لا تنهش نهديّ مواءات قطتي اليائسة
وأستسلم لمائك الحارق
كقط في الحلم
يموء صارخا بعد الرعشة الأخيرة بثانية واحدة
عبث اللّولوات بقلم مصطفى الحناني المغرب Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 03 سبتمبر Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.