حانة_مارس بقلم علاء الدين الحسين سوريا
5/3/2019
الجو مثلج أنا اضع يدي في جيوب المعطف استر رأسي بقبعة صوفية الوقت يقارب منتصف الليل أمشي على أثر الخطى المرتسمة على الطريق الأبيض كلها بإتجاه واحد نحو الحانة حيث الدفئ و تجمع المعذبين و الحالمين حيث الموسيقى الهادئة و الأجواء المشبعة بالحب والمودة وهذا ما لا يعرفه الناس يظنونها مكان للعربدة من زرع تلك الفكرة برؤوسهم أراد لهم إنكار الحب والصاق صفة الحرام به
أنا الآن بداخل الحانة فور رؤيتي ابتسم الساقي و رفع عبارة محجوز من مكان جلوسي لقد أصبحت زبونا دائم لي مكان مخصص بالمنتصف حيث أستطيع تأمل الجميع
عند جلوسي أخرجت سيكارة اشعلتها ووضعتها بفمي آه كم هي لذيذة جداً جداً لي عدة أشهر مقلع عن التدخين لكني ابتاع سيجارة اضعها بين اصابعي وفمي مطفئة لأن الأمر أصبح عادة لدي أنا سابقاً مدخن شره أشبه بالمدخنة
ثم قلت للساقي أريد زجاجة وسكي كبيرة فدفعها لي وهو مستغرب من تدخيني فتحت الزجاجة ورفعتها لفمي وتناولت منها الكثير
عندها صعق الساقي و كثير من الموجودين
أنا لا أشرب الخمر مطلقاً ابتاع زجاجة واقدمها للحضور فقط واستمتع بالجلوس بصمت مطبق بينهم
تقدمت نحو سيدة مسحت رأسي وضمته لصدرها وقالت لا تيأس أشعر بألمك و بدأ عازف العود يعزف لحنا شجي وقال ساعزف لك.حتى الصباح وغنى سيرة الحب وصفق الجمع
ثم رفع الساقي يده لينصت الجميع بتمعن وقال صاحبنا مجروح هذه الليلة كي يفرغ ما بداخله علينا أن نشعر بآلامه كما هو عهدنا دوماً لذلك لابد أن يقص علينا حكايته الآن فنكون أخوة الكأس و الألم كما هو عهدنا
نحن أبناء #حانة_مارس
ردد الجميع نعم علينا مشاركته ألمه
أخذت بالبكاء فرحا هذه المرة لدي الكثير الكثير من الأشخاص الذين لا اعرف اسمائهم أو عناوينهم لكنهم يهتمون لأمري و لو لليلة أنهم يهتمون بصدق و عاطفة مما اعطاني شعوراً جميل
بين الدموع اتبسم وقلت أنتم احبابي و ندمائي أحبكم
وبشكل شبه جماعي كانوا يرددون هيا أروي لنا حكايتك
وبدأت بالحديث
في صغري رأيت مناما أن كامل اسناني واضراسي تساقطت وفسروه لي أنني ساعيش أكثر من كل اقربائي
تبا للمجاملات لم يخبروني أنني ساشهد موت الجميع و اغدو وحيداً بحياة كئيبة
أيها الأحباب أنا جديد ببلدتكم لي بضع أشهر فقط كنت ببلدة اخرى وأعيش حياة متخبطة.أيضاً تتسم بالجنون و مثقلا بالوجع و القهر
في اخر شهرين لي بها قضيت ليلة كاملة بالمشفى على جهاز الأوكسجين لسوء تنفسي
تلك الليلة غيرت مجرى حياتي أو لنقل وضعت الخطوات الأولى لنهايتها
بعد عدة صور وتحاليل تبين للأطباء أن رئتي نتيجة تراكم الدخان أصيبت بالورم ولا بد من أزالتها
تخيلو معي سيزيلون العضو الذي يمنح الأوكسجين لتستمر الأعضاء التي تطرح الكربون أي مهزلة هذه
ولأن قدرات تلك البلدة العلاجية محدودة كان لابد من الإنتقال لبلدتكم الكريمة
لإتخذ هنا عدة إجراءات عائلية تتعلق بمصير طفلتي و ممتلكاتي فأحتمال الحياة أقل من الموت بكثير في غرفة العمليات
ولأن الحياة غير عادلة بمجملها ومطلقها اضمرت سري بصدري بعيداً عن الجميع
لست حزيناً أنني مع مساء الغد سأكون تحت الجراحة
لقد أشرفت على تجهيز قبري و اشتريت الكفن بحال لزومهم و جهزت ظرفا يحوي تكاليف الدفن و اوصيت أن لا يقام لي عزاء مطلقاً لقد سأمت من المأتم طوال هذي السنين
أيها السادة أنا الليلة هنا اودعكم و أودع هذه السيجارة اللعينة أنا الليلة احتفل معكم بميعاد وفاتي
أنا حزين فقط على قلب تملكني ولم اتملكه
حانة_مارس بقلم علاء الدين الحسين سوريا
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
17 فبراير
Rating:

ليست هناك تعليقات: